العبوديّةُ للهِ مصدرُ عزّةِ الشعوب

العبوديّةُ للهِ مصدرُ عزّةِ الشعوب

بسمِ اللهِ الرّحمَنِ الرّحيمِ، اللّهمّ صَلِّ على محمّدٍ وآلِ محمّد.

 في زمنِ الثّوراتِ والصّحواتِ الإسلامية تحتاجُ الأمّةُ بشكلٍ ملحّ للرجوعِ إلى تاريخِها المشرقِ والمضيئ والمليئ بالكنوز والعظات والدروس في التضحيةِ والجهاد والتّصدي للظّلمِ والجورِ، دروس في السعي لنيلِ عزّتِها وكرامتِها ومكانتِها التي يجبُ أنْ تكونَ فيها.

ويجب أولاً أنْ نجيبَ على سؤالٍ مهمٍ وهو لماذا تثور الشعوبُ؟ وماذا تريدُ أنْ تحقّق؟ فهل الهدفُ الأساسُ هو العيشُ الماديّ المحترم، أم الحريّة المطلقة كما هو موجودٌ في الدولِ الغربيّة؟ أم هناك هدفٌ أسمى من ذلك؟

إذا كان الهدفُ هو الجانبُ الماديّ البحت، أو الحريّة المطلقة، فإنّنا سنكونُ متخلفين جداً، فإنّ هذين الهدفين مع وجودهما في الغرب -بنسب متفاوتة- فإنّنا نرى المجتمع الغربي بدأ يتذمر من هذا الوضع، وإنْ كان العيش الكريم والحريّة بمقدارٍ ما مطلوبانِ ومهمّان، إلا أنّه يجبُ أنْ تكونَ الهممُ أبعدُ من ذلك بكثير، وهو تحقيقُ الكرامةِ والعزّة، والخروجُ من عبادةِ الإنسانِ للإنسانِ، وأنْ لا يكونَ معبودٌ إلا اللهَ تعالى، فهذا الأمرُ هو المفقودُ في مجتمعاتنا، ولنْ تتحققَ الأمنياتُ والطموحاتُ إلا بذلك.

ويخطئ منْ يتصوّر أنّ العدالةَ الكاملةَ، والحياةَ الكريمةَ المحترمة، والحريّة المنصفة، يمكن أنْ تتحقّقَ من دونِ الخضوعِ للمنهجِ الذي رسمته السماء للإنسان.

إذا أردنـا أنْ نبحـثَ عن أفضلِ الأوضاعِ التي عاشَها المسلمون، فلنْ نجدَ أفضلَ من الزمانِ الذي كان فيه الرسولُ الأعظمُ (صلّى الله عليه وآله) حاكماً على النّاس، وأسوءُ الأزمنةِ هي التي أُبعد فيها منهجُ السماءِ واُستبدِلَ بمنهجِ الآدميين.

عُرضَ على النبيّ (صلّى الله عليه وآله) أنْ يعطى من الأموال الكثيرة والنساء الحسناوات مقابل أن يتخلى عن رسالة الله تعالى، فأبى أن يتنعم ماديا مقابل أن يتنازل عن إنسانيته وكرامته وعزته وهي عبوديته لله (عزّ وجلّ).

وسيّد الشهداء (عليه السلام) ثار لله تعالى، من أجل القيم والعدل والدين، وقدّم روحه وأرواح أولاده وأصحابه لكي يرسم منهجاً في التضحية والفداء لأجل الدين يسير عليه المسلمون إلى يوم القيامة.

فعلى الأمّة الإسلامية أنْ تراجعَ حياةَ قادتِها وسيرتَهم وجهادَهم في سبيلِ اللهِ تعالى، فإنّهم لم يجاهدوا من أجلِ لقمةِ عيشٍ فقط، بل من أجلِ أنْ يعيشوا بعزّةٍ وكرامةٍ في ظلِّ عبوديتِهم الكاملةِ للهِ تعالى، وتخليصِ النّاس منْ عبوديةِ طغاةِ الأرضِ ومُفسدِيها.

إذنْ لا يمكنُ أنْ يعيشَ الإنسانُ بعزّةٍ حقيقيةٍ، وكرامة كاملة، إلا بقبول المنهج الإلهي، وإلا سيجدُ نفسَه في دوّامةٍ من الأنظمةِ التي ستأخذ به يميناً وشمالاً، وستخرجُه من مستنقعٍ لتغرقه في مستنقعٍ أشدّ وأسوءَ منه.


0 التعليق


ارسال التعليق

احدث المقالات

الاكثر زيارة

الاكثر تعليقا