البحرين أرض العلماء (تقرير عن مزارات العلماء في البحرين)

البحرين أرض العلماء (تقرير عن مزارات العلماء في البحرين)

بسم الله الرحمن الرحيم، اللهمَّ صل على محمد وآل محمد.

لم تتشرف البحرين بأحد الأئمة أو الأنبياء (عليهم السلام) بأن يكون مرقدُه في ترابها، ولكنها ضمّت بين جوانبها مجموعةً كبيرةً جداً من العلماء والفقهاء الذين كان لهم دور كبير ومؤثر في عالم الإسلام والتشيع، وعند البحث عن علماء البحرين يتصور الباحث أنَّ أرض البحرين أرضاً كبيرةً تضمُّ ملايين البشر، وإلا لا يمكن لأرض صغيرة جغرافيا ومن حيث عدد السكان أنْ تنتج هذا العدد من العلماء الذي يفوق التصور، ولا أتحدّث هنا عن طلبة العلم بل عن العلماء الذين وصلوا إلى الدرجة العالية من العلم والفقاهة، وأصبح كثير منهم زعماء للطائفة في البحرين وفي غيرها.

ولا أدري كم كان عدد السكان قبل ثلاثة أو أربعة قرون مثلاً، فإنه أورد تقرير للأمم المتحدة عن عدد سكان البحرين في القرن الماضي هكذا: "ازداد عدد السكّان بصورة ملحوظة في السنوات الأخيرة في الفترة ما بين 1941، حين أجري أول إحصاء و1965 في آخر إحصاء، قفز من 89.970 إلى 182.203"(1). يعني العدد تسعون ألفا تقريباً قبل خمسة وسبعون سنة، فكم هو العدد قبل خمسة قرون مثلاً.

وكثير من هؤلاء العلماء خرجوا من البحرين، وبعضهم شردوا، أو اضطروا للهجرة بسبب اضطراب الأمور السياسية، يقول صاحب كتاب أنوار البدرين(م1340هـ) عن جزيرة النبي(النبيه) صالح: "وينقل أهل هذه الجزيرة إنّه قتل في بعض الوقائع في تلك المدرسة (مدرسة الشيخ داوود من علماء القرن الحادي عشر الهجري) أربعون أو سبعون عالما ومشتغلا كلهم شهداء، ولهذا يسمونها الآن بكربلاء"(2). ويقول الشيخ يوسف البحراني(1107-1186هـ): "أنَّه حالت الأقضية والأقدار بخراب بلادنا البحرين بمجيء الخوارج إليها وترددهم مراراً عليها، حتى افتتحوها قهرا، وجرى ما جرى من الفساد، وتفرَّق أهلها منها في أقطار كلِّ بلاد"(3). ويقول أيضاً في ترجمة الشيخ عبد الله السماهيجي (1135هـ): "توفي (قدِّس سرُّه) في بلدة بهبهان حيث إنّه استوطنها لما أخذت الخوارج بلدة البحرين، وكان قد خرج من البحرين في الوقعة الثانية من وقائع قوم الخوارج إليها، وكانوا قد أتوا أوّل مرّة في غراب واحد، وانضمت إليهم الأعراب من أعداء الدين، فردَّ اللهُ كيدَهم في نحورهم ولم يتمكنوا من أخذها، ثمّ بعد سنة قدموا في سبع برش وانضمّت إليهم الأعراب، وقد أرسل السلطان شاه حسين خان من أهل الدشت مع جملة من العسكر قبل وصولهم فانحدروا أيضا عليها في جمِّ غفير، وكان أهلُ البحرين قد استعدّوا بالأسلحة وساعدهم العسكر المذكور فوقع الحرب وهم في السفن، فقتل منهم جماعة فردوا بالخيبة، وبعد رجوعهم سافر الشيخ عبد الله المذكور إلى أصفهان للسعي في مقدمة البلد المذكورة عند الشاه وقد كان شيخ الإسلام بأصفهان، أنّه لما كان لأمور الشاه المزبور مدبرة رجع بالخيبة مما أملّه، وتوطّن في بلدة بهبهان لظنّه رجوع الخوارج إليها، واتفق رجوع الخوارج إليها مرّة ثالثة اتفق رأيهم على حصار البلد والمنع من الدخول والخروج إليها، وانضمّت لإعانتهم أيضا أعداءُ الدين من الأعراب، فالشيخ لمّا سمع ذلك توطَّن في بلدة بهبهان، وأخذوها بعد الحصار مدَّة مديدة"(4). واستمرَّ الأمر في هجوم الخوارج بعد ذلك حيث نقل –كما سيأتي- أنَّ الشيخ حسين العصفور(م1216ه‍ـ) ابن أخ الشيخ يوسف قتل من قبل الخوارج.

ثمَّ إنَّ هناك كثير من العلماء لم يعرفْ عنهم شيئاً، أو لم يذكروا في التراجم لأسباب مختلفة، يقول صاحب أنوار البدرين -بعد نقل كلام الشيخ البهائي يمدح فيه الشيخ محمد العسكري وأباه الشيخ يوسف-: "ولم أقف على ترجمة لهذين الشيخين في الإجازات ولا كتب الرجال سوى ما ذكرناه من إجازة شيخنا البهائي (قدِّس سرُّه) للأوّل بما ذكرناه، والنسبة إلى العسكري نسبة إلى العسكر قرية من قرى البحرين من طرفها الجنوبي، وكم وكم من علماء فضلاء أتقياء نبلاء في بلادنا البحرين لم تذكر أسماؤهم في البين لاندراس الآثار وتشتت أهلها في الأمصار بما أصابها من الأغيار"(5)، ونقل أيضاً عن الشيخ علي بن الشيخ محمد المقابي أنَّه: "قد اتفق أنَّ فاتحةً أقيمت لبعض أشخاص البحرين في مسجدها المسمى بالمشهد ذي المنارتين، فاتفق فيها حضور ثلاثمائة أو يزيدون من العلماء الأفاضل في وقت من الأوقات"(6)، فمن هم هؤلاء الذين كانوا متعاصرين؟

وبما أنَّ أهل البحرين من محبي العلماء والسائرين على دروبهم، أصبح لكثير من العلماء مقامات يزورها الناس، ويتوسلون اللهَ بحقِّها، وعند مراجعتي لأسماء المساجد في البحرين المسجلة رسميا في الأوقاف رأيت ما يقارب 225 مسجدا بأسماء العلماء من بين 728 مسجد.

 ووجود هذا الكمِّ الكبير من العلماء رغم صغر البحرين وقلة عدد سكانها وما لاقته من الهجمات البربرية طوال تاريخها يؤكد أنَّ هذا البلد هو بلد العلماء والفقهاء، ولقد منَّ الله على العلماء بوجود شعب مؤمن متفاني في الدين كشعب البحرين.

 ونحن هنا في هذا التقرير نحاول أنْ نذكر أهمَّ المراقد والمقامات الموجودة في هذه الأرض الطيبة الطاهرة عبر التاريخ الإسلامي.

القرون الخمسة الأولى الهجرية

1- مسجد وضريح صعصة بن صوحان:

يقع قبر ومسجد صعصعة بن صوحان العبدي في قرية عسكر، وهي قرية قديمة من قرى شيعة أهل البيت (عليهم السلام) في البحرين، وقد هجرها سكانها الشيعة كما يبدو منذ القدم، يقول صاحب أنوار البدرين في ترجمة "العالم العامل الفقيه الرباني الشيخ علي ابن الشيخ حسين الشاطري الشهدائي العسكري.... والعسكر قرية من قرى البحرين في طرفها الجنوبي وهي الآن خراب غير مسكونة، وقرية المعامير حدثت بعد خرابها وأهلها أهلها كذا قيل، وينسب إليها هذا الشيخ وابنه حرز(7).

ويقول الشيخ إبراهيم المبارك (م1399هـ - 1979م) عنها: "وكانت من قبل آهلة بالسكان وفيها من العلماء الشيخ إبراهيم صاحب المزار، والشيخ علي ابن الشيخ حسين الشاطري، وابنه الشيخ حرز، والشيخ يوسف وابنه الشيخ محمد العسكريين ثم تنقل منها أهلها إلى المعامير وسكنها قوم آخرون من البدو"(8).

وهناك خلاف معروف في موضع قبر صعصعة هل هو في العراق أم في البحرين، ولكن ورد في نسخة قديمة من كتاب الإصابة لابن حجر العسقلاني في خزانة المكتبة الرضوية بمشهد تحت الرقم (١٨٦٤١) يذكر فيه نفيه (إلى جزيرة أوالي في البحرين)، ولكن في النسخة المطبوعة المتداولة هكذا: "أنّ المغيرة نفى صعصعة بأمر معاوية من الكوفة إلى الجزيرة أو إلى البحرين وقيل إلى جزيرة بن كافان فمات بها"(9)، واحتمال التصحيف فيها واضح.

 

نسخة قديمة لكتاب الإصابة لابن حجر

 

ويشهد لذلك ما ذكره الزركلي: "ونفاه المغيرة من الكوفة إلى جزيرة (أوال) في البحرين، بأمر معاوية، فمات فيها عن نحو 70 عاما"(10).

وعلى كلِّ حال يكفي صعصعة منزلة ما روي عن الإمام الصادق (عليه السلام) قوله: «ما كان مع أمير المؤمنين (عليه السلام) من يعرف حقَّه الا صعصعة وأصحابه»(11).

 

الضريح من الداخل

 

ولكن في الفترة الأخيرة تكررت الاعتداءات الآثمة على هذا المقام الشريف، مع التناقض الموجود عند المعتدين، فتارة يقولون الزيارة شرك، وتارة يقولون أنَّ المسجد تابع للأوقاف السنية.

صورة من الداخل يظهر فيها تخريب القبر

2- مسجد الشيخ إبراهيم:

وهو يقع في جزيرة صغيرة بقرب مقام صعصعة المتقدم، وكان مزاراً لأهل البحرين، ولكن منذ سنوات عدة مُنِع النَّاس من الوصول إليه مما تسبب في أنْ يكون أشبه بالخرابة منه إلى المسجد، والأمر والمرجع لله.

ثم إنَّ هذا القبر ينسب إلى إبراهيم بن مالك الأشتر، ولم يثبت ذلك، وإن كانت هذه النسبة على ما يبدوا ليست حديثة اليوم، بل هي قديمة كما سيأتي النصُّ في ذلك من الشيخ يوسف البحراني في كشكوله.

 

 

3- الأمير زيد بن صوحان:

يقع في قرية المالكية، وهو مزار معروف لأهل البحرين، وتسميته بالأمير يشهد أنَّه كان قائد جيش، وليس هو ابن صوحان أخو صعصعة لأنَّ أخ صعصعة استشهد في معركة صفين، ويحتمل أنّه من أحفاده(12).

 

 

صورة قديمة جداً لمرقد الأمير زيد

 

صورة حديثة للمرقد

 

ضريح الأمير زيد

 

4- مسجد الشيخ سهلان:

يقع في قرية العكر: يقول عنه الشيخ إبراهيم المبارك أنَّه: "من قواد جيش البحرين في منطقته، ومعه ضريح يذكر أنَّ اسمه الشيخ محمد ولم نعرف عنه شيئاً"(13).

ولم أجدْ مصدراً يتحدث عنه، وقول الشيخ المبارك بأنّه من قواد جيش البحرين، لعله ناظر إلى ما ذكره الشيخ يوسف البحراني في كشكوله الآتي ذكره.

 

مسجد الشيخ سهلان

 

5- مسجد ومقام عمير المعلم:

وهو من المزارات التي يرتادها أهلُ البحرين في جزيرة سترة في قرية أبو العيش، وعمير بن عامر الهمداني الملقب بالمعلم هو ممن شارك المختار الثقفي في ثورته ضد بني أمية وبني الزبير، ونقل عن سبب مجيئه إلى البحرين أنَّه ذات يوم شرب الماء ولعن قاتل الحسين (عليه السلام) فوشى به أحد تلامذته لابن زياد فأمر بسجنه، فالتقى في السجن بالمختار الثقفي حتى أطلق سراحهما، وقاتل مع المختار في أخذ ثأر الحسين (عليه السلام)، فبقيا معاً إلى أنْ قُتل المختار، ولم يجد عميرُ سبيلا غير الفرار إلى أرض البحرين فأكرمه أهلها وأخذ يدرسهم القرآن حتى انتقل إلى رحمة ربه، فدفن في مكان كان مجهولاً فترة من الزمن إلى أنْ عُثر على قبره فبني له مقام من العريش والسعف عام 1367هـ، وجدد عام1402هـ"(14).

وقصة عمير المعلم الهمداني ذكرت في منظومة للشيخ أحمد بن المتوج البحراني كما يذكر آغا بزرك الطهراني في الذريعة حيث يقول: "(الثارات) منظومة طويلة ميمية مرتبة على عدّة فصول، أولها في فاجعة الطف إجمالا، والثاني في أخذ الثار ونظم قصة عمير المعلم والمختار، والثالث في كيفية هلاك يزيد بن معاوية لعنه الله، والرابع في حروب إبراهيم بن مالك الأشتر، رأيته بهذا الترتيب ضمن مجموعة عتيقة كتابتها في حدود (1000) في مكتبة الشيخ ميرزا محمد الطهراني بسامراء مكتوب عليه أنه للشيخ أحمد بن المتوج البحراني، ويظهر من بعض فصوله أنه يسمى ب‍ (قصص الثار)"(15).

وذكر ابن طاووس في كتاب (حكاية المختار في أخذ الثار) قصة عمير المعلم بتفاصيلها الطويلة ولقائه بالمختار في السجن ومشاركته إياه في الحرب، ولكن لم أجد فيه سفره إلى البحرين(16).

وفي الآونة الأخيرة بني المسجد بناءً معمارياً جميلاً ورائعاً.

 

المسجد قبل تجديده الأخير

 

القبر قبل تجديده وقد غمرته المياه الجوفية

 

المسجد بعد التجديد الأخير

 

القبر حالياً بعد تجديده

 

صورة مسائيّة لمزار ومسجد الشيخ عمير المعلم

 

6- مسجد الشيخ بربغي:

يقول الشيخ إبراهيم المبارك (ت1399هـ- 1979م) عنه باختصار: (أمير محمد) في طرف عالي من الغرب، وعليه قبة بنيت في قريب العهد، ولم نعرف عنه شيئاً، ولعلَّ إمارته تلك قيادة جيش كأمير زيد"(17).

ويوجد في نفس المنطقة(عالي) مسجداً آخر بنفس الاسم وفيه ضريح يزار ويسمى مسجد أمير محمد، وأما ما نقصده فهو أمير محمد بربغي، وبربغي نسبة إلى قرية مندثرة تقع بين عالي وبين سار، والمسجد المذكور يقعُ طرف الشارع العام، وفيه ضريح يزوره الناس منذ القدم.

وقبل مدة اكتشف حجر أثري مهم في قرية كرانة عمرها خمسة قرون تقريباً، ومنقوش عليها ما يدلُّ على وجود هذا المسجد المبارك، وجاء في النقش:

"في تاريخ اليوم العشرين من شهر رجب لسنة خمس وستين وتسعمائة(965هـ)، أوقف العبد المذنب أقل عباد الله وأحوجهم إلى رحمة ربه ورضوانه محمد بن ناصر بن عبدالله بن ربيع، تمام ثلث الملك المعروف بناقص برقيب من بربغي في ديوان بوري، على قراءة والده ناصر بن عبدالله، كل يوم جزئين من كتاب الله العزيز، وعلى قراءة أمه مريم بنت إبراهيم كل يوم جزئين من كتاب الله، كائنة تلك القراءة في مسجد الرستان، وأوقف تمام ثلث الملك المذكور في وجه استقاء الماء البرودة مسجد الرستان، ولمن يستقي الماء البرودة الواقعة في فلاة بربغي، ولعمارة المسجد الواقع في فلاة بربغي يكون الثلث المذكور بين المسجد وبين البرودة وبين أيد أثلاثاً، وقفاً شرعياً صحيحاً"،  كتبت هذه الوقفية في حدود العام 1558م، الحجر محفوظ في المتحف وقد تمَّ توثيقه وقراءته في أكثر من مصدر(18). ويظهر أنّ هذا المسجد، ومسجد عين رستان (قريب منه بمسافة، هدمته السلطة مع مسجد البربغي شهر مارس عام2011م) كانا من المساجد المهمَّة. وهذه الوثيقة وإن لم تدل على أنَّ المسجد كان يحوي قبراً، إلا أنه يعتقد وجوده قبل بناء المسجد حيث أنَّ المسجد لا يجوز دفن الأموات فيه بعد تحقق مسجديته، ثم إن تلقيب البربغي بالأمير يدلُّ على قدم هذه الشخصية، حيث أنَّ هذه التسمية قديمة جداً، أي في القرون الأولى للإسلام، والله العالم.

 

مسجد الشيخ محمد البربغي

 

ضريح القبر من الداخل

 

مسجد البربغي أثناء هدمه من قبل النظام شهر مارس عام2011م

 

مسجد أمير محمد مع ضريحه في قرية عالي

 

ما نقله المحدِّث البحراني في كشكوله:

ننقل هنا ما ذكره الشيخ يوسف البحراني (رحمه الله)(م1186هـ) في كشكوله فيما يرتبط ببعض القبور المتقدمة وبالخصوص قبر صعصعة وزيد وإبراهيم بن مالك وعمير المعلم، حيث نقل عن أحد الكتب التي وجدها(من دون أن يذكر اسم الكتاب)، وذكر أنّه يشتمل على جملة من فضائل أمير المؤمنين (عليه السلام) وفيها قصة معركة عبد الملك لأهل البحرين وهي طويلة، وخلاصتها: أنّه بعد مقتل المختار الثقفي وموت مروان ومجيء ابنه عبد الملك للخلافة، سار في جيش كبير جداً من الشام إلى الكوفة وآلى على نفسه أن لا يبقي أحداً من شيعة أهل البيت (عليهم السلام)، فلمّا سمع الشيعة بذلك ومنهم صعصعة بن صوحان، وزيد بن صوحان، وإبراهيم بن مالك الأشتر وعمرو بن عامر الهمداني المعلم (والظاهر أنّه عمير المعلم) وجماعة من خواص الشيعة هربوا إلى جزيرة البحرين وكان زيد بن صوحان والياً على البحرين من قبل الإمام الحسن (عليه السلام)، ولم يتمكَّن بنو أمية من عزله خوفاً من أهل البحرين، وتبعهم بعد ذلك عبد الملك إلى القطيف أولاً، ثمَّ دخل البحرين وجرت حرباً طاحنة واستشهد هؤلاء الصفوة، وذكر تفاصيل أسماء القرى.

ثمَّ يقول الشيخ يوسف تعليقاً على هذه القصة: "وحكاية القصة وإن كانت لا تخلو من ركاكة في التعبير وخلل في التحبير مع إصلاح كثير منها حال النقل إلا أنَّ مضمونها موافق لما هو المجود الآن في تلك البلاد ومشهور بين الخلف والسلف من قبور أولئك الأمجاد، فإنَّ قبور هؤلاء المشار إليهم كلهم موجودة في البحرين، وقد اتخذوها مزارات يتبركون بها، وينذرون إليها ويقصدونها من كل جانب ومكان، لا سيما قبر صعصعة وأخوه زيد"(19). وتكمن الأهمية في نفس كلام الشيخ يوسف، حيث يدلُّ كلامه على أنَّ هذه المزارات كانت موجودة في عهده (القرن الثاني عشر الهجري) يتوارثها الخلف عن السلف، والله العالم بحقائق الأمور.

وثيقة تاريخية أخرى:

وهناك وثيقة أقدم مما ذكره صاحب الحدائق، وهو ما ورد في رسائل المحقق الكركي(م940هـ)، يُسأل فيها عن مساجد عشرة في البحرين، ونص السؤال هو: "مسألة: ما يقول (دام ظله وفضله) في مسألة التقصير، هل لو كانت ثمانية فراسخ فصاعداً حال استقامة طريقها وعند دورانها ينقص عن الثمانية، فتكون الاستقامة شرطاً، أم كالمساجد العشرة التي تزار في البحرين في المواقيت: وهل يجوز الجمع بين القصر والتمام أم لا؟"(20). ويحتمل أن السائل من أهل البحرين، والمهم أنّ السؤال يدلُّ على أنَّ هناك عشرة مساجد معروفة تزار في البحرين، ومن المعروف أنَّ شيعة أهل البحرين أنما يزورون تلك المساجد لوجود قبور علماء فيها، لا لمجرد كونه مسجداً وإلا لما انحصر الأمر بهذه العشرة.

ومن اللطيف أنَّه عُثر مؤخراً على وثيقة مهمَّة تبيّن المقصود من بعض هذه المساجد، حيث نشر هذه الوثيقة بعض الباحثين، وقال فيها: "وثيقة نادرة تنشر لأول مرة، مخطوط تاريخي عثرنا عليه يضمَّ معلومات قيمة عن مواقع ومساجد أثرية ومزارات كانت موجودة في جزيرة البحرين وشخصيات علمية بحرانية مؤرخة بسنة تسعمائة وثلاثة وستين هجرية. أي قبل أكثر من أربعمائة وسبعين عاماً من الآن، ونحن في سنة ألف واربعمائة وست وثلاثين، وهذه النسخة النادرة قد تملكها جماعة من العلماء والتجار في فترات مختلفة حيث كتبوا تملكهم وأسماءهم عليها وهي عبارة عن كتاب فقهي اسمه الروضة البهية للشهيد الثاني العاملي، والنّص الذي يهمَّنا في المخطوطة هو حاشية على الكتاب وهذا نصها:

[مسألة التقصير في زيارة مساجد أهل البحرين من مسجد أبو صبح إلى مسجد سباسب إلى مسجد سبسب إلى عسكر الشهداء إلى سهلان إلى عسكر سبد مسافة التقصير وهي ست وتسعون ألف ذراع فما زاد يكسّر بحيث تكون على الزائر المساجد المشرفة مساجد البحرين المتعاهد زيارتها بالدوران (أو الدوزان أو الذوزان) مسافرًا يجب عليه التقصير وبه شهدوا الشهود الثقات وهم الشيخ علي بن محمد ويوسف بن إبراهيم المقابيان والشيخ علي بن مبارك والشيخ حسن بن علي النحيل مشافهة منهم للذرع سنة ٩٦٣هـ].

وهي واردة في نص سؤال وجهه أهالي البحرين للمحقق الكركي في فترة مرجعيته والمتوفى في العام تسعمائة وأربعين هجرياً"(21).

والمساجد المذكورة في هذه الوثيقة هي مسجد أبو صبح ويقع قريب ساحل قرية الدراز، ومسجد سبسب وهي قرية مندثرة قرب قرية دار كليب وفيها ضريح الشيخ محمد سبسب (وسيأتي الحديث عنه)، وعسكر الشهداء هو ما تقدم من مقام صعصعة حيث قبره بعسكر، وتسميتها بذلك لعلَّه لواقعة حصلت فيها وبعض العلماء اسمه الشهدائي العسكري نسبة لها، وأما مسجد سباسب وعسكر سبد فلم أجد ما يدل على مكانهما.

 

الوثيقة المرتبطة ببعض مساجد البحرين

 

7- مسجد الخميس (ذو المنارتين) (المشهد):

وهو من المساجد التاريخية المهمَّة في البحرين، يقع في منطقة الخميس بين البلاد القديم وبين المصلى، والظاهر أنّه هجرت الصلاة فيه منذ عشرات السنين، وأصبح اليوم مجرد معلم تاريخي، لقدمه وجمال تصميمه وهندسته، وهناك خلاف في تاريخه، وينسب البعض بنائه إلى الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز دون دليل، والهدف كما هو واضح تكذيب نسبته إلى الشيعة، والوثائق تشير إلى نسبته للدولة العيونية(467 – 638 هـ)، وقد صدر كتاب حول مسجد الخميس أعدَّه مجموعة من الباحثين بتكليف من مجلس الأوقاف الجعفرية، اسمه (المشهد ذو المنارتين... مسجد الخميس... معالمه وآثاره وتاريخ تشييده وعمارته).

وعلى كلّ حال فهو يقع في منطقة الخميس الواقعة بين البلاد القديم وبين المصلى، والقرى المحيطة به كلّها قرى شيعية، وهناك شواهد تدلّ على كون البانين له من الشيعة مثل وجود أسماء أهل البيت (عليهم السلام) في بعض جدرانه، وهناك محاولات لطمس مثل هذه الوثائق التاريخية المهمة.

 

منقوشات أثرية برزت على جدران مشهد الخميس الداخليّة وبها أسماء الأئمة المعصومين الإثني عشر (عليهم السلام)

 

وفيها دلالة واضحة على أنَّ شيعة أهل البيت هم من شيدوا هذا المسجد المبارك.

 

صور تاريخية للمسجد:

 

8- مسجد ومقام الشيخ محمد سبسب أو السبسبي:

ويقع في قرية سبسب المندثرة قرب قرية دار كليب، وفيه ضريحان يزورهما المؤمنون ينسب أحدهما إلى الشيخ محمد السبسبي، ولم نجد له ترجمة في الكتب، ولا نعلم فعلاً في أي زمن عاش، ووضعناه هنا لمناسبة الوثيقة المتقدمة التي ذكر فيها اسم المسجد. وعلى كلِّ حال فهناك بجنب المسجد قبور غير معروف أصحابها، وتوجد أساسات قديمة يقال بأنها حدود حوزة علمية كانت موجودة في هذا المكان.

 

مسجد وضريح الشيخ محمد سبسب

 

القرن السادس الهجري

9- الشيخ راشد الجزيري:

من علماء القرن السادس وبداية القرن السابع توفي سنة(605هـ)(22)، وقبره في جزيرة النبي(النبيه) صالح (عليه السلام)، وقال في أنوار البدرين: "الإمام اللغوي الفقيه المتكلم الأديب العالم ناصر الدين راشد ابن إبراهيم بن إسحاق البحراني....... وقبره في جزيرة النبي صالح من أوال، حُرست من الوبال في الدار الجنوبية المقابلة للشمال من حضرة النبي صالح انتهى كلامه (كلام الشيخ عبد الله السماهيجي)، ومثله ما ذكره صاحب اللؤلؤة فيها وفي إجازته للسيد العلامة الطباطبائي بحر العلوم إلا أنه زاد فيها: "ومعه في الدار العلامة ابن متوج البحراني (رحمه الله)". (قلت) وقد ذكر هذا الشيخ جملة من علماء الرجال في الإجازات وبالغوا في الثناء عليه علما وعملا، وجزيرة النبي صالح... هي قرية من قرى البحرين في وسط البحر ذات عيون وأنهار ونخيل وأشجار وفي طرفها الغربي مقام عظيم ينسب للنبي صالح (عليه السلام) وفيها جملة من قبور العلماء ولم نعرف وجه النسبة،... ورأيت في هذه الجزيرة مدرسة كبيرة خرابا تسمى مدرسة الشيخ داوود، وسيأتي الكلام على ترجمته، وينقل أهل هذه الجزيرة إنّه قتل في بعض الوقائع في تلك المدرسة أربعون أو سبعون عالماً ومشتغلاً كلهم شهداء، ولهذا يسمونها الآن بكربلاء"(23).

 

قبر الشيخ راشد قبل بنائه ويظهر عليه طابع الإهمال

 

القبر في طور البناء

 

القرن السابع الهجري

10- الشيخ أحمد ابن سعادة البحراني:

من علماء القرن السابع الهجري كان معاصراً للمحقِّق نصير الدين الطوسي وقد أثنى عليه ثناءً عظيماً، وهو أستاذ الحكيم المتكلم الشيخ علي بن سليمان البحراني ومدفون معه(24)، وفي الذريعة: "الشيخ المحقق المتكلم كمال الدين أبي جعفر أحمد بن علي بن سعيد بن سعادة"(25)، ووصفه الشيخ يوسف في كشكوله بأنه "متكلم جليل، وعالم نبيل" وقبره في قرية الخارجية من قرى سترة مع تلميذه الآتي.

11- الحكيم الشيخ علي بن سليمان الستراوي:

وهو تلميذ الشيخ ابن سعادة وأستاذ الحكيم الشيخ ميثم البحراني، يقول صاحب أنوار البدرين عنه: "قد ذكره كل من تأخر عنه.... وبالغوا في الثناء عليه وكفى بمدح تلميذه الشيخ ميثم والعلامة الحلي عن كل أحد"(26).

وفي اللؤلوة: "قبره الآن في قرية سترة من قرايا بلادنا البحرين إلى جنب قبر شيخه ابن سعادة"(27).

 

قبرا الشيخ ابن سعادة والشيخ علي بن سليمان

 

12- مسجد ومقام العالم الرباني الشيخ ميثم البحراني:

وهو أشهر من نار على علم، ويصفه العلماء بالعالم الرباني مما يدلّ على مكانته العظيمة، ويصفه المحدث القمي بقوله: "كمال الدين ميثم بن علي بن ميثم البحراني العالم الرباني والفيلسوف المتبحر، المحقق والحكيم المتأله المدقق، جامع المعقول والمنقول، أستاذ الفضلاء الفحول، صاحب الشروح على نهج البلاغة.... قيل إنَّ الخواجة نصير الدين الطوسي تلمذ على كمال الدين ميثم في الفقه وتلمذ كمال الدين على الخواجة في الحكمة"(28). وهو أستاذ العلامة الحلي(29).

وللشيخ سليمان الماحوزي رسالة في ترجمة الشيخ ميثم سمّاها (السلافة البهية في الترجمة الميثمية) وقد أثنى فيها عليه أبلغ الثناء، وقد ذكر الرسالة بكاملها الشيخ يوسف في كشكوله(30). وولد الشيخ ميثم سنة 636 وتوفي سنة 679، أو699(31). ومرقده المبارك من المزارات المهمة لشيعة أهل البحرين، ويقع في قرية هلتا من قرى الماحوز قديماً، والآن تسمى (أم الحصم).

 

صورة قديمة وأخرى حديثة لمسجد ومقام الشيخ ميثم

 

ضريح الشيخ ميثم وقبره من الداخل

 

القرن التاسع الهجري

13- مسجد ومقام النبي (النبيه) صالح:

ومقامه من أهمّ المزارت التي يقصدها شيعة أهل البحرين، وتنقل عنه على الألسن كرامةً -إن صحَّت- فهي تدلُّ على مقام عظيم جداً، وللأسف لم تنقل لنا المصادر شيئاً عن هذه الشخصية المجهولة، يقول الشيخ إبراهيم المبارك: "النبيه صالح، وهو في جزيرة أُكُل، ولم نعرف عنه شيئاً، وإلى جانبه قبور تذكر أنها أولاده"(32).

ثمَّ إنَّ هذه الجزيرة كانت تسمى جزيرة النبي صالح، يقول الشيخ يوسف البحراني كما تقدم في ترجمة الشيخ ابن المتوج: "وقبره معروف بجزيرة (أُكُل) وهي مشهورة الآن بجزيرة النبي صالح من بلاد البحرين"(33). ويقول صاحب أنوار البدرين في ترجمة الشيخ داود الجزيري نقلاً عن الشيخ عبد الله السماهيجي: "وقبر الشيخ داود بالدار الشمالية عن النبي صالح (عليه السلام) بالجزيرة، وكذا قبر ابنه الشيخ علي"(34)، وكذلك في ترجمة الشيخ راشد الجزيري المتقدم حيث قال السماهيجي: "وقبره في جزيرة النبي صالح من أوال، حُرست من الوبال في الدار الجنوبية المقابلة للشمال من حضرة النبي صالح"، ويفهم من قوله: "النبي صالح (عليه السلام)" و"حضرة النبي صالح" أنَّه يعتقد أنَّ القبر للنبي صالح (عليه السلام)، لا أنَّ الجزيرة تسمى باسمه، ولذلك يعقِّب صاحب أنوار البدرين فيقول: "وفي طرفها الغربي مقام عظيم ينسب للنبي صالح (عليه السلام) وفيها جملة من قبور العلماء ولم نعرف وجه النسبة"(35).

وأمّا الآن فتسمى جزيرة النبيه صالح. وحيث أنا لا نعلم في أي قرن عاش هذا العالم إلا أن المدفونين معه(كابن المتوج) يفهم من عبارات ترجمتهم أنّهم لم يسبقوه زمناً جعلناه هنا ضمن علماء القرن التاسع الهجري، حيث أن أقدم المدفونين قريباً منه هو الشيخ أحمد ابن المتوج من علماء هذا القرن، كما يأتي.

 

صورة قديمة لمسجد النبيه صالح

 

صورتان حديثتان للمسجد

 

14 و 15- الشيخ أحمد بن المتوج البحراني، وابنه الشيخ ناصر:

والشيخ أحمد هو شيخ الإمامية في وقته ومن المعاصرين للشهيد الثاني(36)، توفي سنة (820هـ ) حوالي 1417م(37)، "وقبره معروف بجزيرة (أُكُل) وهي مشهورة الآن بجزيرة النبي صالح من بلاد البحرين"(38).

وصفه الحر العاملي بأنه: "صاحب الذهن الوقاد، فاضل محقق فقيه حافظ، نقل أنه ما نظر شيئا ونسيه"(39)، وأبوه الشيخ عبد الله أيضا من العلماء، وعبَّر عنه صاحب أنوار البدرين بالعلامة الفاضل الأواه وأنه كان عالما ورعا فاضلاً، ولكنه لم يعلم موضع قبره(40).

وأما ابنه الشيخ ناصر فقد قال عنه الشيخ سليمان الماحوزي: "الشهاب الثاقب، والسهم الصائب، والبحر الزاخر، الشيخ ناصر بن الشيخ أحمد ابن المتوج كان نادرة عصره في الذكاء واشتعال الذهن، ونسيج وحده في الصلاح، ولم نظفر له بشيء من المصنفات، وقبره بجنب قبر أبيه وقد زرتهما مرارا جمَّة ومشهدهما من المشاهد المتبرك بهما"(41).

وقبره مع أبيه في جزيرة النبي(النبيه) صالح، في الحجرة الشمالية، وهو من المزارات المعروفة.

 

القرن العاشر الهجري

16 و 17- مسجد الشيخ مفلح الصيمري وابنه الشيخ حسين:

وهو مسجد يقع في منطقة سلماباد وفيه ضريح الشيخ المجتهد الفقيه مفلح بن حسن رشيد الصيمري. ولد في صيمر (بلدة في البصرة)، وانتقل الى البحرين وسكن قرية سلماباد (وقيل أنه نفي منها وعاد إليها) من أعلام القرن التاسع الهجري، وقيل أدرك القرن العاشر الهجري(42).

قال عنه في أنوار البدرين: "الشيخ الفقيه العلامة الحبر الأديب الفهامة الشيخ مفلح بن حسن الصيمري البحراني......" وأنّه: "من رؤساء الطائفة المحقة وفتاويه كثيرة منقولة مشهورة في كتب الأصحاب"، وقال عن ابنه الشيخ حسين المدفون معه: "الشيخ الفقيه الزاهد العابد الورع الشيخ حسين، أورع أهل زمانه وأعبدهم وأفضلهم، كان مستجاب الدعوة، كثير العبادات والصدقات، قل أن يمضي له عام في غير حج أو زيارة، لم يعثر له عثرة، وكان للناس فيه اعتقاد عظيم، وراج الشرع الشريف في زمانه غاية الرواج وكان أذكى أهل زمانه،.....  توفي (قدِّس سرُّه) سنة 933هـ"(43).

 

صورة قديمة وأخرى حديثة لمسجد الشيخ الصيمري

 

18- مسجد الشيخ محمد أبو رمانة:

يقع في قرية دمستان، وفيه مقام الشيخ محمد الملقب بأبي رمانة، وهو من المزارات المهمة في البحرين، والتي يقصدها شيعة أهل البيت (عليهم السلام) من قديم الزمان كما سيأتي في كلام المجلسي، وأما تسميته بأبي رمانة فله قصة مهمة مشهورة عند أهل البحرين، ولها دلالاتها على طبيعة ما كان يتعرض له الشيعة من مؤامرات، وقد ذكر القصة العلامة المجلسي في البحار، ونقلها عنه الشيخ يوسف البحراني في كشكوله، وننقل القصة بكاملها مع طولها لأهميتها:

قال في البحار: "ما أخبرني به بعض الأفاضل الكرام، والثقات الأعلام، قال: أخبرني بعض من أثق به يرويه عمن يثق به، ويطريه أنّه قال: لمَّا كان بلدة البحرين تحت ولاية الإفرنج، جعلوا واليها رجلا من المسلمين، ليكون أدعى إلى تعميرها وأصلح بحال أهلها، وكان هذا الوالي من النواصب وله وزير أشد نصبا منه يظهر العداوة لأهل البحرين لحبهم لأهل البيت (عليهم السلام) ويحتال في إهلاكهم وإضرارهم بكل حيلة. فلما كان في بعض الأيام دخل الوزير على الوالي وبيده رمانة فأعطاها الوالي فإذا كان مكتوبا عليها "لا إله إلا الله محمد رسول الله أبو بكر وعمر وعثمان وعلي خلفاء رسول الله" فتأمل الوالي فرأى الكتابة من أصل الرمانة بحيث لا يحتمل عنده أن يكون من صناعة بشر، فتعجب من ذلك وقال للوزير: هذه آية بينة، وحجة قوية، على إبطال مذهب الرافضة، فما رأيك في أهل البحرين. فقال له: أصلحك الله إن هؤلاء جماعة متعصبون، ينكرون البراهين، وينبغي لك أن تحضرهم وتريهم هذه الرمانة، فإن قبلوا ورجعوا إلى مذهبنا كان لك الثواب الجزيل بذلك، وإن أبوا إلا المقام على ضلالتهم فخيرهم بين ثلاث: إما أن يؤدوا الجزية وهم صاغرون، أو يأتوا بجواب عن هذه الآية البينة التي لا محيص لهم عنها، أو تقتل رجالهم وتسبى نساءهم وأولادهم، وتأخذ بالغنيمة أموالهم. فاستحسن الوالي رأيه، وأرسل إلى العلماء من أهل البحرين وأحضرهم وأراهم الرمانة، وأخبرهم بما رأى فيهم إن لم يأتوا بجواب شاف: من القتل والأسر وأخذ الأموال أو أخذ الجزية على وجه الصغار كالكفار، فتحيروا في أمرها، ولم يقدروا على جواب. فقال كبراؤهم: أمهلنا أيها الأمير ثلاثة أيام لعلنا نأتيك بجواب ترتضيه وإلا فاحكم فينا ما شئت، فأمهلهم، فخرجوا من عنده خائفين متحيرين.

فاجتمعوا في مجلس وأجالوا الرأي في ذلك، فاتفق رأيهم على أن يختاروا من صلحاء البحرين وزهادهم عشرة، ففعلوا، ثم اختاروا من العشرة ثلاثة فقالوا لأحدهم: اخرج الليلة إلى الصحراء واعبد الله فيها، واستغث بإمام زماننا، وحجة الله علينا، لعله يبين لك ما هو المخرج من هذه الداهية الدهماء. فخرج وبات طول ليلته متعبدا خاشعا داعيا باكيا يدعو الله، ويستغيث بالإمام (عليه السلام)، حتى أصبح ولم ير شيئا، فأتاهم وأخبرهم فبعثوا في الليلة الثانية الثاني منهم، فرجع كصاحبه ولم يأتهم بخبر، فازداد قلقهم وجزعهم. فأحضروا الثالث وكان تقيا فاضلا اسمه محمد بن عيسى، فخرج الليلة الثالثة حافيا حاسر الرأس إلى الصحراء وكانت ليلة مظلمة فدعا وبكى، وتوسل إلى الله تعالى في خلاص هؤلاء المؤمنين وكشف هذه البلية عنهم واستغاث بصاحب الزمان. فلما كان آخر الليل، إذا هو برجل يخاطبه ويقول: «يا محمد بن عيسى ما لي أراك على هذه الحالة، ولماذا خرجت إلى هذه البرية؟» فقال له: أيها الرجل دعني فإني خرجت لأمر عظيم وخطب جسيم، لا أذكره إلا لإمامي ولا أشكوه إلا إلى من يقدر على كشفه عني.

فقال: «يا محمد بن عيسى! أنا صاحب الأمر فاذكر حاجتك»، فقال: إن كنت هو فأنت تعلم قصتي، ولا تحتاج إلى أن أشرحها لك، فقال له: «نعم، خرجت لما دهمكم من أمر الرمانة، وما كتب عليها وما أوعدكم الأمير به»، قال: فلما سمعت ذلك توجهت إليه وقلت له: نعم يا مولاي، قد تعلم ما أصابنا، وأنت إمامنا وملاذنا والقادر على كشفه عنا. فقال صلوات الله عليه: «يا محمد بن عيسى إنَّ الوزير في داره شجرة رمان، فلمَّا حملت تلك الشجرة صنع شيئا من الطين على هيئة الرمانة، وجعلها نصفين وكتب في داخل كلِّ نصف بعض تلك الكتابة ثمَّ وضعهما على الرمانة، وشدّهما عليها وهي صغيرة فأثّر فيها، وصارت هكذا. فإذا مضيتم غدا إلى الوالي، فقل له: جئتك بالجواب، ولكني لا أبديه إلا في دار الوزير، فإذا مضيتم إلى داره فانظر عن يمينك، ترى فيها غرفة، فقل للوالي: لا أجيبك إلا في تلك الغرفة، وسيأبى الوزير عن ذلك، وأنت بالغ في ذلك، ولا ترض إلا بصعودها فإذا صعد فاصعد معه، ولا تتركه وحده يتقدم عليك، فإذا دخلت الغرفة رأيت كوة فيها كيس أبيض، فانهض إليه وخذه فترى فيه تلك الطينة التي عملها لهذه الحيلة، ثمّ ضعها أمام الوالي وضع الرمانة فيها لينكشف له جلية الحال.

وأيضا يا محمد بن عيسى قل للوالي: إنَّ لنا معجزة أخرى وهي أنَّ هذه الرمانة ليس فيها إلا الرماد والدخان وإن أردت صحة ذلك فأمر الوزير بكسرها، فإذا كسرها طار الرماد والدخان على وجهه ولحيته». فلمّا سمع محمد بن عيسى ذلك من الإمام، فرح فرحاً شديداً، وقبَّل بين يدي الإمام صلوات الله عليه، وانصرف إلى أهله بالبشارة والسرور. فلمّا أصبحوا مضوا إلى الوالي ففعل محمد بن عيسى كلَّ ما أمره الإمام وظهر كلُّ ما أخبره، فالتفت الوالي إلى محمد بن عيسى وقال له: من أخبرك بهذا؟ فقال: إمام زماننا، وحجة الله علينا، فقال: ومن إمامكم؟ فأخبره بالأئمة واحداً بعد واحد إلى أن انتهى إلى صاحب الأمر صلوات الله عليهم. فقال الوالي: مد يدك، فأنا أشهد أن لا إله إلا الله، وأنَّ محمداً عبده ورسوله، وأنَّ الخليفة بعده بلا فصل أمير المؤمنين علي (عليه السلام)، ثمَّ أقرَّ بالأئمة إلى آخرهم (عليهم السلام) وحسن إيمانه، وأمر بقتل الوزير واعتذر إلى أهل البحرين وأحسن إليهم وأكرمهم. قال: وهذه القصة مشهورة عند أهل البحرين وقبر محمد بن عيسى عندهم معروف يزوره الناس"(44).

والكلام الأخير للمجلسي يدلُّ على كون مقام الشيخ محمد أبو رمانة مزاراً منذ القدم، والشيخ المجلسي توفي سنة1111هـ، وهو يروي القصة عن ثلاثة وسائط. والمقصود من الافرنج هم البرتغاليون الذين احتلوا البحرين في الفترة ما بين (920هـ) إلى حدود (1011هـ)، فيكون بين المجلسي (وقت كتابة الحادثة) وبين وقت وقوعها حدود قرن إلى قرن ونصف، فيكون ناقل القصة قريب عهد منها.

واحتمل صاحب كتاب (أنوار البدرين) أن يكون الشيخ أحمد بن سالم بن عيسى هو صاحب القصة وهو صاحب رسالة الاستخارة المعروفة بـ(فال الطير)(45).

 

صورة المسجد 1980م

 

المسجد قبل التجديد الأخير

 

آخر تجديد للمسجد ومعه مركز أبو رمانة الإسلامي

 

صورة ضريح الشيخ أبو رمانة وبجنبه القصة مكتوبة

 

19- والد الشيخ البهائي:

من علماء القرن العاشر الهجري، وهو تلميذ الشهيد الثاني، وعن قصة سفره إلى البحرين يقول الشيخ يوسف في اللؤلؤة: "أخبرني والدي أنَّ الشيخ حسين بن عبد الصمد كان في مكة المشرفة قاصدا الجوار فيها إلى أن يموت، وأنه رأى في المنام أن القيامة قد قامت وجاء الأمر من الله (سبحانه وتعالى) برفع أرض البحرين وما فيها إلى الجنة، فلما رأى هذه الرؤيا آثر الجوار فيها والموت في أرضها ورجع من مكة وجاء إلى البحرين،.... وأقام بها حتى توفي، وقبره في قرية المصلى من قرى البحرين المعروف إلى الآن"(46).

وقال في أنوار البدرين: "وقد وقفت على هذه الرؤيا مسندة عن علماء ورعين ثقات إلى أن تنتهي إلى المرحوم الشيخ حسين صاحب الرؤيا وقد بقي هذا الشيخ (رحمه الله) في البحرين مشتغلا بالتدريس والتصنيف والعبادة والتآليف في قرية المصلى من توابع بلادنا بلاد القديم، إلى أن توفي بها لثمان خلون من ربيع الأول سنة 984هـ‍، ودفن في مقبرة البلاد المعروفة بمقبرة الشيخ راشد شمالا من المسجد، وقد زرت قبره مرارا ودعوت الله عنده، وعلى قبره صخرة مكتوب عليها اسمه واسم أبيه وبلاده وتاريخ وفاته ضاعف الله حسناته"(47). وقبره في مقبرة أبو عنبرة، بجنب مسجد الخميس.

وفي قرية المصلى مسجد باسم مسجد الشيخ محمد البهائي، وقيل بأنه كان موجوداً قبل قدوم الشيخ البهائي ثم سمي باسمه مع العلم أنَّ والد البهائي اسمه حسين وابنه اسمه محمد. واكتشف في الجهة الشمالية الملاصق لهذا المسجد مطلع الثمانينات ساجات قبور قديمة لبعض العلماء(48).

 

مسجد البهائي وعمره أكثر من 500 عام في المصلى

 

موقع القبور المكتشفة مطلع الثمانينات

 

الغرفة التي تضمُّ ضريح الشيخ البهائي

 

القرن الحادي عشر الهجري

20- مسجد ومقام العلامة السيد هاشم التوبلاني:

وهو من المزارات المعروفة في البحرين، والسيد هاشم هو صاحب التفسير المعروف (البرهان في تفسير القرآن)، و(مدينة المعاجز) وغيرها الكثير من الكتب، قال عنه الشيخ يوسف في اللؤلؤة:

"وكان فضلاً محدثاً، جامعاً متتبعاً للأخبار بما لم يسبق إليه سابق سوى شيخنا المجلسي، وقد صنف كتباً عديدةً تشهد بشدة تتبعه واطلاعه،......

وانتهت رياسة البلد -بعد الشيخ محمد بن ماجد المتقدم- إلى السيد المذكور(السيد هاشم التوبلاني)، فقام بالقضاء في البلاد، وتولى الأمور الحسبية أحسن قيام، وقمع أيدي الظلمة والحكام، ونشر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وبالغ في ذلك وأكثر، ولم تأخذه لومة لائم في الدين، وكان من الأتقياء المتورعين، شديداً على الملوك والسلاطين. توفي (قدِّس سرُّه) في قرية نعيم... ونقل نعشه إلى قرية توبلي ودفن في مقبرة ماتيني من مساجد القرية المشهورة، وقبره مزار معروف...."(49).

ويقول صاحب أنوار البدرين:

"ورأيت في بعض فوائد شيخنا العلامة الشيخ سليمان الماحوزي قال: دخلت على شيخنا العلامة السيد هاشم التوبلي زائراً مع والدي (قدِّس سرُّه) فلما قمنا معه لنودعه وصافحته لزم يدي وعصرها وقال لي لا تفتر عن الاشتغال فإن هذه البلاد عن قريب ستحتاج إليك انتهى. (قلت) وصدق رحمه الله فإنه بعد برهة قليلة توفي ذلك السيد وانتقلت الرياسة الدينية إليه أفاض الله شآبيب رحمته ورضوانه عليه"(50).

ومما يشير إلى الدلالة على كونه (قدِّس سرُّه) مشهوراً بالورع والتقوى قول صاحب الجواهر في بحث العدالة والرد على من ذهب إلى أنها ملكة: "بل عليه لا يمكن الحكم بعدالة شخص أبداً إلا في مثل المقدس الأردبيلي والسيد هاشم على ما ينقل من أحوالهما"(51).

ووفاته مرددة بين سنة 1107هـ وبين 1109هـ(52).

 

مقام ومسجد السيد هاشم قديماً وحديثاً

 

21 و 22- مرقدا الشيخ داوود الجزيري وابنه الشيخ علي:

مدفونان في الغرفة الشمالية المجاورة لقبر النبيه صالح في الجزيرة مع الشيخ ابن المتوج الأب والابن، وقال في أنوار البدرين نقلا عن السماهيجي حول الشيخ داوود: "العالم الصالح الفاضل الخيِّر.... وقد كتب كتباً كثيرة بيده الشريفة ووقفها مع كتب كثيرة بخطه وخط غيره تقرب من أربعمائة كتاب في المدرسة التي بناها في بيته بالجزيرة،  وله ثلاثة أولاد أخيار فضلاء (الشيخ علي) وهو أكبرهم (والشيخ حسن) و(الشيخ صلاح)، وللشيخ علي (رحمه الله) ولد يسمى (الشيخ داود) أفضل من أبيه وعميه وهو ثقة عدل صالح وقبر الشيخ داود بالدار الشمالية عن النبي صالح (عليه السلام) بالجزيرة وكذا قبر ابنه" ثم يعقب صاحب أنوار البدرين على ذكر المدرسة قائلاً: "هي الآن خراب ويسميها أهل تلك الجزيرة كربلاء لأنَّه قتل فيها في بعض الوقائع التي صدرت على البحرين أربعون أو سبعون عالماً ومتعلماً فسميت لذلك كربلاء مع أن تلك الجزيرة المذكورة في غاية من الصدود والإخفاء عن المستطرقين من الأعراب والأجانب لأنها جزيرة لا يتوصل إليها إلا بالسفن فإذا انضمت إليها تعذر الوصول إليها... ولهذا كثيرا ما يلتجئ إليها كثير من أهل البحرين عند وقوع حادثة في البين وقد رأيتها مراراً وهي جنة من جنن الدنيا جنات تجري من تحتها الأنهار لولا ما فيها من الظلم والغضب والأكدار"(53).

وفي اللوحة الموضوعة على قبره نقلا عن كتاب الصحيفة العلوية للشيخ عبد الله السماهيجي أنَّه من علماء القرن الحادي عشر الهجري.

 

قبرا الشيخ داوود الجزيري وابنه الشيخ علي

 

القرن الثاني عشر الهجري

23- مسجد المحقق الشيخ سليمان بن عبد الله الماحوزي:

وقد انتهت إليه رئاسة البحرين بعد أستاذه السيد هاشم التوبلاني، يقول عنه تلميذه الشيخ عبد الله بن صالح السماهيجي: "كان هذا الشيخ أعجوبة في الحفظ والدقة وسرعة الانتقال في الجواب والمناظرة وطلاقة اللسان لم أر مثله قط، وكان ثقة في النقل ضابطاً إماماً في عصره وحيداً في دهره أذعنت له جميع العلماء وأقرت بفضله جميع الحكماء وكان جامعاً لجميع العلوم علامة في جميع الفنون حسن التقرير عجيب التحرير خطيباً مفوهاً"(54).

ومن تلامذته والد صاحب الحدائق، والشيخ عبد الله السماهيجي(55). ولد في قرية الخارجية في سترة، وعاش في البلاد القديم، ودفن في قرية الماحوز في مقبرة الشيخ ميثم بن المعلى جد الشيخ ميثم البحراني(56). ورغم قصر عمره، فقد عاش خمسة وأربعين سنة (1075-1121هـ)، إلا أنَّ له العشرات من المؤلفات المهمة، وسمي بالمحقق(57).

 

مسجد الشيخ سليمان الماحوزي

 

القرن الثالث عشر الهجري

24- مسجد ومقام الشيخ حسين العصفور المعروف بالعلامة:

يقع في قرية الشاخورة، والشيخ حسين هو ابن أخ صاحب الحدائق وأحد تلامذته، ولأجله ولأجل ابن عمه الشيخ خلف بن الشيخ عبدعلي كتب صاحب الحدائق لؤلؤةَ البحرين وفيها ترجمة كثير من العلماء والفقهاء الأعلام، وكان زعيم الطائفة في زمانه، وله منزلة خاصة عند البحرانيين وأهل الخليج، ولا زال كثير من كبار السنِّ يرجعون إليه في التقليد، يقول عنه في أنوار البدرين: "وكان يضرب به المثل في قوة الحافظة ملازما للتدريس والتصنيف والمطالعة والتأليف مواظبا على تعزية الحسين (عليه السلام) في بيته في كل وقت منيف لا تخلو أوقاته من بعض ما ذكرناه وحدثني العالم الفاخر المرحوم الشيخ ناصر بن نصر الله القطيفي عمن يثق به، أنّ هذا الشيخ أتى لبلاد القطيف مسافرا لحج بيت الله الحرام وزيارة النبي وآله عليه وآله أفضل الصلاة والسلام، واجتمع بالسيد الأمجد السيد محمد الصنديد القطيفي (رحمه الله)، وكان هذا عنده من الكتب النفيسة الكثيرة ما لا توجد عند غيره فرأى عنده كتابا هو يتطلبه من كتب الأخبار فالتمس منه أن يصحبه إياه في سفره لينقله عنده وكان السيد ضنينا بذلك لعدم وجود نسخته فلم يعطه إياه فبقي الكتاب المذكور عند الشيخ المذكور أياما يسيرة مدة جلوسهم في القطيف ثم أعطاه الكتاب وسافر فلما قضى مناسكه وزيارته رجع على البر مارا ببلاد القطيف فلما اجتمع بالسيد أمره أن يأتيه بذلك الكتاب فأتى به إليه فاستخرج نسخة جديدة كراريس مكتوبة عديدة ليقابله عليه فقال له: هل وجدت نسخة ونقلته؟ فقال لا ولكنني تتبعته وحفظته وكتبته على حفظي بأبوابه وترتيبه وأسانيده فتعجب السيد والحاضرون عجبا عظيما وقابله به طبقا لم يختلف عنه إلا يسيرا لا يذكر،... وهذا من عجائب الأمور وشذ أن تحتمله القلوب البشرية والصدور وينقل عنه في الحفظ الأمور الغريبة ويكفيه إملاؤه "النفحة القدسية في الصلاة اليومية" المشهورة اليوم على تلميذه وكاتبه الشاعر الأديب الشيخ محمد الشويكي الخطي في ثلاثة أيام ويذكر فيها الأقوال والأدلة إجمالا،..... وقد كانت البحرين في عصره وقبله عامرة بالعلماء الأعلام الأنجاب والمشتغلين والطلاب مع ما هي فيه في الغالب من الحوادث الكثيرة والخراب"(58).

وله مؤلفات كثيرة أهمها السداد رسالة عملية، والأنوار اللوامع في شرح مفاتيح الشرائع، وغيرهما. توفي (قدِّس سرُّه) ليلة الحادية والعشرين من شهر شوال سنة 1216ه‍ـ، وكانت وفاته في بعض الوقائع في تلك السنة، وقيل أنّه ضربه ملعون من أعداء الدين بحربة في ظهر قدمه فمات شهيدا منها"(59).

 

مسجد العلامة الشيخ حسين العصفور قبل تجديده

 

مسجد العلامة الشيخ حسين العصفور بعد تجديده

 

ضريح الشيخ حسين العلامة من الداخل

 

وقام فريق من المؤمنين بالتنقيب عن مدرسة الشيخ حسين العلامة قبل سنوات، ولا يعلم مصيرها حاليا(60).

 

مدرسة الشيخ حسين العلامة بعد التنقيب عنها

 

25- مرقد ومسجد الشيخ عبد الله الستري:

أنوار البدرين: "كان رحمه الله تعالى من بقايا علماء البحرين الأتقياء الورعين المصطفين الزاهدين العابدين، كثير النوافل والصيام والزيارة للأئمة الكرام عليهم أفضل الصلاة والسلام، وكان مشتغلا بالتدريس في قريته الخارجية من جزيرة سترة يحضر عنده جملة من الطلبة والعلماء كثير المواظبة على البحث والتصنيف متواضع النفس،.... وكان يقرر في (تهذيب الأحكام) و(شرح اللمعة) و(الشرائع) مثلا ورسالته العملية (والقطر) و(ابن الناظم) بل وحتى (الأجرومية) على قدر قوابل أولئك الحاضرين ولا تأنف نفسه عن صغير أو كبير،.... وصنَّف كتاب (معتمد السائل في الفقه كله) إملاء،.... وتوفي (قدِّس سرُّه) وعمره يقرب من ثمانين سنة ودفن في جانب مسجده من الجنوب في قرية الخارجية وقد زرت قبره ودفن أولاده بعده معه"(61). والشيخ (قدِّس سرُّه) يلقب ب(المقلَّد)، ولا زال بعض كبار السن يرجعون إليه في التقليد، ويبدو أنَّ الزعامة انتقلت إليه بعد رحيل أستاذه الشيخ حسين العلامة.

 

صورة قديمة للمسجد

 

المسجد بعد تجديده (عام2007م)

 

قبر الشيخ عبد الله وتحفّه مجموعة من قبور العلماء

 

26- مسجد الشيخ عزيز:

وهو من المقامات المشهورة جداً عند أهل البحرين، ويزوره الناس باستمرار، وهو يقع في الشارع العام من قرية السهلة الشمالية، وتنقل على لسان كبار السن كرامةٌ له عندما أرادت الحكومة آنذاك جرف القبر لتوسعة الشارع، ولم أر مصدراً يتكلم عن شخصية الشيخ عزيز وفي أيِّ زمن عاش، ولعلّه كان من العلماء العارفين، نعم ذكر موقع الأوقاف الجعفرية عن المسجد أنَّه: "يضمّ ضريح العالم الزاهد الشيخ عزيز، يروى أنه لما دخل الخوارج جزيرة البحرين كان من المنددين بدخولهم، فقتله جماعة من الأعداء عند خروجه من صلاة الصبح، فجُهِّز ودفن في موضع قتله، وبعد حين كشف مكان قبره فبني عليه مسجد كان فوق تلّة إلى جانبه مصلى، وفي الستينيات بني له حائط، وفي سنة 1977م شيد له هذا المسجد".

ونقل عن بعض كبار السن المعمِّرين أنَّ مكانه كان مصلّى وكانوا يزورونه ويتوسلون به وينذرون له، وتنقل له كرامات كثيرة.

 

مسجد ومزار الشيخ عزيز في السبعينات تقريباً

 

صورة حديثة

 

27- مقبرة أبو عنبرة بجنب مسجد الخميس:

وهي مقبرة قيل بأن عمرها أكثر من ألف سنة، وتحوي على ساجات أثرية، وفيها مجموعة كبيرة من علمائنا الأبرار. قال في أنوار البدرين في ترجمة الشيخ محمد بن صادق البحراني: "وقبره في مقبرة المشهد وهو المسجد الجامع ذو المنارتين وهو بالجانب الشرقي من المسجد المذكور"(62).

ومن العلماء المدفونين فيها: الشيخ حسين بن عبدالصمد الحارثي الجبعي العاملي(والد الشيخ البهائي، ت 984هـ)، الشيخ عبدالله بن ناصر المُقَلَّد (ت 1001هـ)(63)، السيد أبوجعفر عبدالرؤوف بن حسين الموسوي الجدحفصي (ت 1060هـ)(64)، الشيخ شهاب الدين بن الشيخ صلاح الدين الكرزكاني (1011هـ)، الشيخ عبدالله ابن الشاعر أبي البحر الخطي، الشيخ سالم بن عبدالوهاب (1103هـ)، الشيخ محمد بن ماجد بن مسعود الماحوزي (ت 1105هـ - 1693م) السيد علي بن محسن المقابي (1135هـ - 1722م)، الشيخ محمد بن محسن بن صديف بن علي آل عصفور (1155هـ - 1742م)، الشيخ عبدالنبي بن أحمد بن إبراهيم آل عصفور (1173هـ)، الشيخ يوسف البلادي (ق 11هـ)، الشيخ عبدعلي ابن العلامة الشيخ حسين العصفور (1208هـ - 1793م)، الشيخ علي بن محمد بن أحمد بن إبراهيم آل عصفور (1215هـ - 1800م)، الشيخ محمد بن خلف الستري (ق 13هـ)، السيد علي بن محمد بن إسحاق البلادي (ت 1288هـ)، السيد عدنان بن علوي آل عبدالجبار القاروني (ت 1347هـ)(65).

 

بعض صور الساجات التاريخية في مقبرة أبو عنبرة

 

وهناك المئات من العلماء والفقهاء المتقدمين الذين لم نذكرهم خوفاً من الإطالة، ولذلك نختم الحديث عن بعض العلماء المعاصرين الذين كان لهم دور كبير في ترسيخ القيم الدينية والحفاظ على المذهب في البحرين الحبيبة ونذكر منهم ثلاثة.

 

القرن الرابع عشر والخامس عشر الهجري

28- الشهيد السيد أحمد الغريفي(1946م- 1985م):

ولد في منطقة المنامة (1365هـ - 1946م)، وفي سنة 1953م صحبه والدُه -الآتي ذكره- في رحلته العلمية إلى مدينة جدِّه أمير المؤمنين، وألحقه بالمدرسة الابتدائية هناك حتى أكملها، وكان برغم صغر سنه يقرأ لوالده ما يحتاج إليه من كتب ومقررات وبحوث، حيث كان والده ضريراً. وعند رجوعه إلى البحرين أدخل مرة ثانية الصف السادس الابتدائي إلى أن أكمل دراسته الثانوية وحصل على الشهادة الثانوية العامة في العام 1966م. وتزوج سنة 1968م، من كريمة السيد حسين السيد إبراهيم الغريفي والد العلامة السيد عبد الله الغريفي.

ثمَّ هاجر إلى النجف الأشرف والتحق بكلية الفقه في سنة 1967 م، وحصل على شهادة البكالوريوس في اللغة العربية والعلوم الإسلامية في العام 1971 م وواصل دراسته الحوزوية فترة من الزمان. ثم سافر إلى القاهرة سنة 1975م لتحضير رسالة الماجستير في كلية دار العلوم جامعة القاهرة، وتنقل أثنائها بين القاهرة والنجف الأشراف لتحضير رسالته التي كتبها تحت عنوان (البراءة الأصلية في الشريعة الإسلامية) حيث حصل على شهادة الماجستير في العلوم الإسلامية في سنة 1979م. بذل عدّة محاولات لتسجيل رسالة الدكتوراه في جامعة القاهرة ولكنها لم تنجح (لظروف سياسية).

استشهاده وتشييعه:

لبى الشهيد السيد أحمد الغريفي نداء ربه أثر حادث أليم مروع مفتعل من قبل النظام يوم السبت 10 ذو القعدة 1405 هجرية الموافق 27 يوليو 1985م، وفي جو متشح بالحزن والدموع ارتفعت الأعلام السوداء وكأنه يوم العاشر من المحرم، وقد كانت مقبرة النعيم ذلك اليوم كتلة لحم لا ترى فيها تراب حيث غسّل هناك، ومن ثمّ تمّ نقل الجثمان الطاهر في موكب مهيب أغلقت لأجله الشوارع والمنافذ إلى مقبرة عالي حيث دفن الفقيد.

 

حشود المؤمنين تهب لشييع الشهيد في مقبرة عالي

 

الضريح المبارك للشهيد

 

29- العلامة السيد علوي السيد أحمد الغريفي والد الشهيد(1919م-2011م):

ولد السيد الغريفي في النصف من شعبان لسنة 1339هـ - 1919م في النعيم، توفي عنه والده وله اثنا عشر عاماً، وتوفيت عنه والدته العفيفة في النجف الأشرف أيام هجرته إليها لطلب العلم ودفنت في مقبرة الغـري، بدأ الدراسة الحوزوية في البحرين مبكرا فأنهى المقدمات وشيئاً من السطوح، وأصابه مرض الجذري في عينيه في الثامنة عشر من عمره فأصبح ضريرا، وكان يعينه ابنه الشهيد السيد أحمد.

ولم يكن فقد البصر عائقا أو مانعا فهاجر إلى النجف الأشرف وقد تلقَّى الدروس العليا فيها عند أكابر الفقهاء كالسيد محسن الحكيم والسيد الخوئي (قدِّس سرُّهما)، ولكونه ضريراً كان ابنه الشهيد يقرر له الدرس بعد رجوعه إلى المنزل. وبعد رجوعه إلى البحرين أسس حوزته التي لا زالت باقية إلى يومنا هذا في النعيم. ولما استشهد ابنه السيد أحمد كان كثيرا ما يقول "الآن فقدت بصري".

توفي يوم الخميس 15/4/2011م، وازدحم المؤمنون لتشييعه في مقبرة عالي، ودفن إلى جنب ضريح ابنه الشهيد السيد أحمد (رحمهما الله).

 

30- العلامة الشيخ عبد الأمير منصور الجمري(1938م- 2006م):

ولد سنة 1938في بني جمرة، دخل المدارس النظامية في البحرين، توفي عنه والده وهو في العاشرة من العمر، وتعلم الخطابة الحسينية مبكراً، واستقل بها وله من العمر سبعة عشر عاما، وإلى جانب عمله كان يدرس عند بعض العلماء المقدمات، انتقل بعد ذلك إلى النجف الأشرف في العام 1961، وحضر عند المرجعين العظيمين السيد الخوئي والشهيد الصدر، ثم عاد إلى البحرين في العام 1973 بعد أن اتصل به أهالي منطقته ليرشح نفسه للانتخابات البرلمانية الأولى في تاريخ البحرين في العام 1973م، واستجاز في ذلك الشهيد الصدر فأوجب عليه ذلك، والشيخ زين الدين فأجازه، كما أبرق له الشيخ عيسى أحمد قاسم بضرورة العودة، وطلب منه الملا عطية الجمري الذي كان يزور العراق آنذاك العودة للترشيح، فعاد وفاز بالمقعد الثاني مع الشيخ عيسى أحمد قاسم ممثلين عن المنطقة الشمالية. وكان عضوا بارزا في الكتلة الإسلامية بالمجلس الوطني ما بين الأعوام 1973م و1975م ومن الذين عارضوا قانون أمن الدولة بشدة.

دخل القضاء -بعد استجازة ذلك من السيد الخوئي والشيخ زين الدين- بين عامي 1977م- 1988م ثمَّ تمت إزاحته من المحكمة لأسباب سياسية في العام 1988م، واعتقل في سبتمبر 1988م، وأفرج عنه في اليوم نفسه بعد احتجاجات مباشرة.

وأسس حوزته العلمية (حوزة الإمام زين العابدين (عليه السلام)) في بني جمرة سنة 1985م والتي لا زالت باقية.

وفي1992م شارك في إعداد وتوقيع العريضة النخبوية المطالبة بالحقوق الدستورية والبرلمانية، ثم في العريضة الشعبية 1994م، وفي 1 /4/ 1995م: تمت محاصرة بني جمرة وقتل اثنان من أبنائها وجرح آخرون، ووضع الشيخ الجمري تحت الحصار لمدة أسبوعين ثم نقل إلى المعتقل، أفرج عنه في 25/9/1995م بعد الضغوط الشعيبة، ثم أعيد اعتقاله 21/1/1996م ليشتدَّ اضطراب الوضع الأمني والسياسي في البلاد. وضع في الحجز الانفرادي لأكثر من تسعة شهور ثم نقل إلى سجن وكان مراقباً في كل كلمة يقولها، ومنعت عنه الزيارات إلا من زوجته وأبنائه، وتم من خلال ذلك حجب الشيخ عن كلِّ شيء، وفي 7/7/1999م أصدرت محكمة أمن الدولة حكما عليه بالسجن عشر سنوات ودفع غرامة مقدارها 5،7 ملايين دينار لينفلت الوضع الأمني مباشرة بعد ذلك، وفي اليوم التالي ظهر الشيخ الجمري في التلفزيون قبيل الإفراج عنه بعفو ليوضع تحت الإقامة الجبرية مرة أخرى. وبعد أشهر أصيب بجلطة في القلب وأجريت له عملية في القلب. وفي 23/1/2001م رفعت عنه الإقامة الجبرية، وفي يونيو 2002م أجريت له عملية في الظهر بألمانيا ليصاب بجلطة في موقع العملية وجلطتين في الدماغ، وفي يناير2003م نقل للعلاج بالرياض.

وظلَّ طريح الفراش حتى يوم وفاته في 18 ديسمبر 2006م، وخرج الناس عصراً إلى ما بعد صلاة العشائين، وتم تشييعه في موكب مهيب مع برودة الجو من دوار القدم إلى مقبرة بني جمرة.

 

زيارة العلماء له أثناء مرضه

 

أطفال الروضات يبكون أباهم

 

التشييع الرمزي عصراً

 

الحشود المحبة تودع أباها

 

قوات الجيش تهدم قبر الشيخ الجمري وتزيل القبّة الموجودة فوقه - مارس 2011م

 

* الهوامش:

(1) نشر في صحيفة الوسط البحرينية – العدد 4370 – الإثنين 25 أغسطس 2014م الموافق 29 شوال 1435هـ، ومنه في موقع سنوات الجريش.

(2) أنوار البدرين للشيخ علي بن الشيخ حسن البلادي البحراني، ص56.

(3) لؤلؤة البحرين للشيخ يوسف البحراني صاحب الحدائق، ص11.

(4) لؤلؤة البحرين، ص94-99، وعنه في أنوار البدرين، ص150¬-152.

(5) أنوار البدرين، ص101-102.

(6) أنوار البدرين، ص48.

(7) أنوار البدرين، ص72، وفي الحاشية ذكر المعلق أنَّ: "العسكر هذه تعرف بعسكر الشهداء ولم أقف على وجه نسبتها، وقد سكن الآن في بعض نواحيها أناس من السنة يسمون آل أبي رميح".

(8) حاضر البحرين، ص42.

(9) الإصابة، ج3، ص373.

(10) الأعلام للزركلي، ج3، ص205.

(11) خلاصة الأقوال للعلامة الحلي، ص171.

(12) راجع موقع الأوقاف الجعفرية على الانترنت.

(13) حاضر البحرين، ص58.

(14) راجع موقع الأوقاف الجعفرية.

(15) الذريعة للآغا بزرك الطهراني، ج5، ص4.

(16) ملحق بكتاب اللهوف، واسمه أخذ الثأر وانتصار المختار على الطغاة الفجار، ص125.

(17) حاضر البحرين، ص54.

(18) راجع موقع سنوات الجريش.

(19) كشكول الشيخ يوسف البحراني، ج1، ص86-88، ولعله (رحمه الله) يقصد (كتاب مقتل أمير المؤمنين عليه السلام) الذي ذكره آقا بزرك الطهراني في الذريعة، ج22، ص31 حيث قال: "مقتل أمير المؤمنين (عليه السلام)، للسيد عبد الجبار بن الحسين الحسيني الموسوي البحراني، معاصر المحدث الحر كما في (أمل الآمل) وهو مبسوط متداول في بلاد القطيف البحرين يقرؤونه في أيام الشهادة وغيرها، وفيه خطبة البيان المنسوبة إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) وفيه بعض الموضوعات مثل تكلم سلمان مع الأمير (عليه السلام) في حال الخطبة بمسجد الكوفة مع أنه توفى قبل الخلافة الظاهرية له، ومثل فرار صعصعة وزيد ابني صوحان وإبراهيم بن مالك الأشتر إلى البحرين أيام عبد الملك بن مروان عنه ولحوقه بهم وقتله لهم ودفنهم هناك مع أن صعصعة مات بالكوفة أيام معاوية وزيد صاحب الراية يوم الجمل وقتل فيه وإبراهيم قتل فيه مع مصعب بن الزبير وقبره قرب الحميرات من أراضي الدجيل مشهور بقبر الشيخ إبراهيم".

(20) رسائل الكركي، ج2، ص239.

(21) نشرت في انستغرام سنوات الجريش، (aljareesh)، وموجودة أيضا على موقع الانترنت.

(22) تحقيق الشيخ فاضل الزاكي على كتاب فهرست علماء البحرين للشيخ سليمان الماحوزي، ص64.

(23) أنوار البدرين، ص56.

(24) راجع فهرست علماء البحرين، تحقيق الشيخ فاضل الزاكي، ص45.

(25) الذريعة، ج15، ص315.

(26) أنوار البدرين، ص57-58.

(27) لؤلوة البحرين، ص252-253.

(28) الكنى والألقاب، ج1، ص344.

(29) فهرست علماء البحرين، تحقيق الشيخ فاضل الزاكي، ص57.

(30) الكشكول، ج1، 39-49.

(31) فهرست علماء البحرين، للشيخ سليمان الماحوزي، ص63، وراجع في ترجمته لؤلوة البحرين، ص243-250.

(32) حاضر البحرين، ص61.

(33) لؤلؤة البحرين، ص174.

(34) أنوار البدرين، ص163.

(35) أنوار البدرين، ص56.

(36) قال صاحب كتاب أنوار البدرين ص66: "وسمعت جماعة من مشائخنا عطر الله مراقدهم يحكون أنه كان كثيراً ما يقع بينه وبين شيخنا الشهيد الأول  (رحمه الله) مناظرات وفي الأغلب يكون الغالب الشيخ جمال الدين أحمد بن المتوج فلما عاد الشيخ جمال الدين إلى البحرين واشتغل بالأمور الحسبية وفصل القضايا الشرعية وغيرها من الوظائف الفقهية اشتغل ذهنه  (قدِّس سرُّه) ثم حج الشيخ جمال الدين واتفق اجتماعه بشيخنا الشهيد  (رضيَّ الله عنه) في مكة المشرفة فتناظرا فغلب شيخنا الشهيد وأفحمه فتعجب الشيخ جمال الدين فقال له الشيخ الشهيد  (رضيَّ الله عنه): قد سهرنا وأضعتم".

(37) فهرست علماء البحرين، تحقيق الشيخ فاضل الزاكي، ص68.

(38) لؤلوة البحرين، ص174.

(39) أمل الآمل، ج2، ص333، وعنه في لؤلؤة البحرين، ص173.

(40) أنوار البدرين، ص67.

(41) أنوار البدرين، ص67.

(42) راجع فهرست علماء البحرين، ص77، وأنوار البدرين، ص68.

(43) أنوار البدرين، ص68-70.

(44) البحار، ج52، ص178-180، ونقلها عنه الشيخ يوسف في الكشكول، ج1، ص110-112.

(45) أنوار البدرين، ص101.

(46) لؤلؤة البحرين، ص26.

(47) أنوار البدرين، ص4، وراجع حاضر البحرين للشيخ إبراهيم المبارك، ص57.

(48) راجع موقع سنوات الجريش الذي زار صاحبه أهل المنطقة، وسأل عن بعض ما يتعلق بمدرسة البهائي، وعن مسجده.

(49) لؤلوة البحرين، ص61.

(50) أنوار البدرين، ص123.

(51) الجواهر، ج13، ص295.

(52) فهرست علماء البحرين، تحقيق الشيخ فاضل الزاكي، ص151.

(53) أنوار البدرين، ص163.

(54) لؤلؤة البحرين، ص9-10، وأنوار البدرين، ص133.

(55) لؤلؤة البحرين، ص11.

(56) راجع المصدر السابق.

(57) راجع مقدمة المحقق لكتابه فهرست علماء البحرين، تحقيق الشيخ فاضل الزاكي.

(58) أنوار البدرين، ص180-181.

(59) المصدر السابق.

(60) راجع موقع سنوات الجريش.

(61) أنوار البدرين، ص202.

(62) أنوار البدرين، ص119.

(63) عبر عنه في أعيان الشيعة، ج4، ص163 بشيخ القطيف الأكبر.

(64) قال عنه صاحب تتمة الآمل السيد محمد ابن السيد علي آل أبي شبانة البحراني كما في أنوار البدرين(ص92): "أحد الأكابر والأعيان المشار إليهم بالبنان في البيان بدر كمال وشمس ظهيرة وسيد قوم وكبير عشيرة جمع بين علو الهمة وعلو الأدب،... وله من العمر سبعة وأربعون سنة".

(65) استفدنا في إعداد هذا التقرير على عدة مصادر أهمها (لؤلؤة البحرين) للشيخ يوسف العصفور، و(أنوار البدرين) للشيخ علي بن حسن البلادي، و(فهرست علماء البحرين) للشيخ سليمان الماحوزي تحقيق الشيخ فاضل الزاكي، واستفدنا أيضاً من (موقع سنوات الجريش) خصوصا فيما يرتبط ببعض الصور التاريخية، وهو لأحد الشباب البحراني المهتم بتاريخ البحرين، وقد ضمّ هذا الموقع مواضيع كثيرة مهمّة عن تاريخ الشيعة والتشيع في البحرين.


0 التعليق


ارسال التعليق

احدث المقالات

الاكثر زيارة

الاكثر تعليقا