الإمامة مبدأ ومعتقد

الإمامة مبدأ ومعتقد

الإمامة مبدأ إنساني قبل أن يكون إسلاميّاً من حيث الحاجة الملحّة إلى هذا الموقع حيث يكون الإمام الذي يتصدّر شؤون الناس ليأخذوا عنه الكثير من الأفكار وكذا القرارات حتى المصيري منها، فضلاً عن شؤونهم الدينية والاجتماعية وغيرها مما له دخل في جنبات الحياة.

لكن الكلام يكمن في اختيار الإمام كيف يكون؟ وممن؟

بلحاظ موقعه الخطير لا بد من أن يكون الاختيار إما إلهياً لضمان سلامة هذا الفرد لهذا المنصب وهذا يفتقر إلى البيان، أو أن يكون الاختيار بشرياً وهذا يفتقر إلى الإجماع من الأمّة من دون جبر لأحد حتى يبرز من بينهم الأفضل والأصلح، وعلى كلا التقديرين الأمر في صالح الإمامة؛ فأمّا البيان فهو واضح وصريح في الكثير من المواضع وقد بلغ حدّ التواتر، وأمّا الإجماع فلم يحصل إلا لأول المنصوص على إمامتهم والخليفة الشرعي بعد النبي (صلّى الله عليه وآله) وهو الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام).

وهذا لا يعني إلغاء مبدأ الشورى الذي نؤمن به في غير اختيار الإمام الشرعي الذي يكون خليفة المسلمين، فهذا المبدأ له مجاله والروايات متكثرة للحث على أمر التشاور بين المسلمين فيما بينهم.

ولا يعني إلغاء مبدأ انتخاب النخبة إلى الأصلح والأفضل من بينهم لرجاحة عقولهم -في الغالب-، فهو نؤمن به أيضاً لكن في غير الإمامة؛ لخصوصيات منصب الإمامة وخطورته ولكون خطأ من يقع فيه لا يغتفر لما له من نقض للغرض.

فعلى هذا يتضح أنّ الإمامة هي امتدادٌ للنبوّة يشتركان في أنّ التعيين حاصل من الله تعالى، ويكفينا هذا لتنتقل المسؤوليّة إلينا في اتباع خطهم والسير على نهجهم (عليهم السلام)، ولا يعني الابتعاد عنهم (عليهم السلام) إلا الابتعاد عن طريق الحق ومنهج الصدق الذي أرادت المشيئة الإلهية أن يسير عليه البشر ليصلوا إلى أقصى مراتب الكمال الذي هم مؤهّلون إليه؛ ذلك لأنّ الإمام يجسّد الإسلام على واقع الأمم، فيستنطق القرآن بسلوكه وكلامه ويترجم مفاهيمه وأفكاره للناس لتكون شاخصة أمامهم لا يحيدون عنها أبداً.

وأختم بهذا التساؤل:

لم نعهد أنّ الله تعالى أرسل نبياً بدين سماوي إلا وأرسل من بعده حفَظة لهذا الدين من الضياع ومن عبث العابثين حتى ينسخه الله بدين آخر... وكُتب المسلمين مليئة بهذا ويذكر على أنّه من حكمة الله تعالى، فهل بعد كل هذا يرسل الله (عزَّ وجلَّ) رسوله الأعظم محمد بن عبدالله (صلّى الله عليه وآله) بدين هو خاتمة للديانات كلها وتتخلف حكمته! أفلا يوجد حفظة لهذا الدين؟! تعالى الله عن ذلك علواً عظيماً.

 


0 التعليق


ارسال التعليق

احدث المقالات

الاكثر زيارة

الاكثر تعليقا