الأثر العظيم للقرآن الكريم

الأثر العظيم للقرآن الكريم

القرآن هو آخر الكتب السماوية التي أنزلها الله تعالى ذكره على أنبيائه وتعهد بنفسه أن يحفظه {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}(1).

القرآن بوجوده المبارك أمر عجيب لمن يلتصق به، بل لكل من يفتح أذني قلبه ليستمع إلى شيء منه، فآياته الشريفة لها ما لها من الأثر الباهر على قلوب السامعين سواء كانوا من الإنس أو من الجن فهذا القرآن بنفسه يخبرنا عن شيء من أثره في قوله تعالى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا، يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَن نُّشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا}(2) وخير توصيف للقرآن قد صدر من الجن كونه هادياً إلى الرشد، ومن يهتدي بالقرآن لا يجد عسراً في أن يتعهّد على نحو التأبيد بعدم صدور الشرك منه، ليعيش حالة من العبودية الصادقة مع الله تعالى، فيستولي ذكر الله على ظاهره وباطنه، فيكون ممن قال الله فيهم {إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَن خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا}(3) فترتقي درجاتهم وتزداد لذّتهم بالقرآن الكريم كلّما ازدادت تلاوتهم اللسانية والعملية للقرآن، فيحصلوا على ميزة لا تفارقهم وهي الاطمئنان {الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ}(4)، وأيّ لذّة هذه وأيّ أثر هذا الذي يحدثه القرآن! ليصل الإنسان في بعض الحالات إلى درجة أن يتلوَ سوراً من القرآن ولا يوقفه شيء ما دام قادراً على التلفظ؛ ففي غزوة ذات الرقاع انتدب الرسول (صلّى الله عليه وآله) رجلاً من المهاجرين وآخر من الأنصار للقيام بالحراسة، قال الأنصاري للمهاجري: أي الليل تحب أن أكفيكَه: أوله أم آخره؟ قال المهاجري: بل اكفني أوله. فأضطجع المهاجري فنام، وقام الأنصاري يصلّي، وأتى رجل من الأعداء، فلما رأى الأنصاري قائماً عرف أنّه طليعة القوم. فرماه بسهم فوضعه فيه، فانتزعه ووضعه، فثبت قائماً، ثم عاد له بالثاني، ثم عاد له بالثالث، فوضعه فيه، فنزعه فوضعه، ثم ركع وسجد، ثم أيقظ صاحبه، فقال اجلس فقد جُرحت، فقال لصاحبه بعد ما رأى ما به من الدماء: سبحان الله! أفلا أيقظتني أول ما رماك؟ قال الأنصاري: كنت في سورة أقرؤها فلم أحب أن أقطعها، حتى أنفدها، فلما تابع علي الرمي وركعت أعلمتك(5). والجميل أنّه تحمّل هذه الجراحات حتى لا يقطع قراءته للقرآن.

ولما كان لهذا الكتاب من الأثر العظيم كان سلاحاً فعّالاً قد استخدمه الرسول (صلّى الله عليه وآله) في مواجهة أهل الشرك والوثنية فدعاهم إلى الإسلام والقرآن حاضر معهم ليدخل مسامعهم فقلوبهم، ففي إحدى السنوات خرج النبي (صلّى الله عليه وآله) إلى الموسم  ليدعو الناس إلى الإسلام إذ لقي رهطاً من الخزرج، فقال (صلّى الله عليه وآله): «من أنتم؟ قالوا: نفر من الخزرج. قال: أفلا تجلسون أكلمكم؟ قالوا: بلى. فجلسوا معه، فدعاهم إلى الله (عزَّ وجلَّ)، وعرض (صلّى الله عليه وآله)، عليهم الإسلام، وتلا عليهم القرآن، فآمنوا وصدّقوا»(6).

***

* الهوامش:

(1) سورة الحجر: 9.

21) سورة الجن: 1.

(3) سورة مريم: 85.

(4) سورة الرعد: 28.

(5) بحار الأنوار ج20، ص177.

(6) بحار الأنوار ج19، ص 23.

 


0 التعليق


ارسال التعليق

احدث المقالات

الاكثر زيارة

الاكثر تعليقا