اتفاقية سيداو من منظور إسلامي

اتفاقية سيداو من منظور إسلامي

ماذا تعني كلمة (سيداو ):

(CEDAW) (Convention on the Elimination of All Forms of Discrimination Against Women)

 (سيداو) باللغة الإنجليزية هي اختصار للحروف الأولى من مسمّى الاتفاقية باللغة الإنجليزية، وتعني: "اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضدّ المرأة".

 سيداو من منظار مشرعيها:

هي معاهدة دوليّة أقرّتها الجمعية العامّة للأمم المتحدة، كان اعتمادها في الثامن عشر من ديسمبر عام1979م، ودخلت حيّز التنفيذ في 3 سبتمبر عام 1981م.

وتنص هذه الاتفاقية على القضاء على جميع أشكال التمييز الذي يمارس ضدّ المرأة، وكان الشعار الأساسي لهذه الاتفاقية ينص على أنّ التنمية الشاملة والتامة لبلدٍ ما، ورفاهية العالم، وقضايا السلم، كلّ هذه الأمور تتطلب أقصى مشاركة ممكنة للمرأة جنباً إلى جنب مع الرجل في جميع الميادين، تكشف اتفاقيّة سيداو من خلال بنودها عمق العزلة والاضطهاد الذي يمارس على المرأة حول العالم بسبب جنسها، والذي تعتبر فيه جسداً (للجنس) لا غير، ودعت الاتفاقية إلى تسريع تحقيق المساواة للمرأة مع الرجل، وعدم ممارسة التمييز ضدّها في جميع أمور الحياة، وتضمنت الاتفاقية على 30 مادّة، وضعت في قالب قانوني ملزم لكلّ دولة توقّع عليها، وتحوي هذه الاتفاقية من خلال بنودها الثلاثين كافة المبادئ والتدابير الموافق عليها دوليّاً لتحقيق المساواة للمرأة في الحقوق.

وقّعت على الاتفاقية حتى الآن معظم دول العالم باستثناء ست دول على رأسها الولايات المتحدة الأميركية التي ترفض التوقيع عليها، حيث يوجد في الكونجرس الأمريكي "تقرير يرفض فرض أيّ تشريعات خاصة بالأحوال الشخصية ويعتبر ذلك نوعاً من التدخّل في الشؤون الداخلية للولايات المتحدة، كما اعتبر التقرير أنّ قضايا الأحوال الشخصية -ومنها تحديد النسل- شأناً شخصياً لا ينبغي للقوانين أنّ تحكمه".

وهناك إضافة إلى الولايات المتحدة خمس دول لم توقّع على الاتفاقية وهي: إيران، الفاتيكان، السودان، الصومال، وتونغا. أمّا معظم الدول، ومن بينها الدول العربية، فقد وقّعت على الاتفاقية بعد أنّ وضعت تحفّظات على بعض المواد فيها. وكانت السويد أول الدول الموقّعة عليها في 2 يوليو 1980م.

عرض موجز للاتفاقية:

الاتفاقية من حيث الشكل

تتضمن الاتفاقية ديباجة، وتتبعها ثلاثون مادّة تطبيقية، موزعة في ستة أجزاء:

الجزء الأول:                   المواد1 ـ 6

الجزء الثاني:                   المواد 7 ـ 9

الجزء الثالث:                   المواد10 ـ 14

الجزء الرابع:                   المواد 15 ـ 16

الجزء الخامس:                   المواد 17 ـ 22

الجزء السادس:                   المواد 23 ـ 30

الاتفاقية من حيث المضمون:

ترتكز الاتفاقية على مبدأ المساواة المطلقة والتماثل التام بين المرأة والرجل في التشريع وفي المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وفي التعليم والعمل والحقوق القانونية، وكافة الأنشطة، اشتملت الاتفاقية على ستة أجزاء تفرعت منها ثلاثون مادّة يمكن تفصيلها كما يلي:

الجزء الأول: التعريفات والتدابير: (المواد 1 ـ 6 ) 6 موادّ

تشرح المادّة الأولى من الاتفاقية: معنى التمييز ضدّ المرأة، وتنصّ على التماثل التام بين الرجل والمرأة، بغض النظر عن حالتها الزوجية.

بينما تتعرض المادّة الثانية لوصف الإجراءات القانونية المطلوب من الدول الأطراف أنّ تتعهد بالقيام بها للقضاء على التمييز ضدّ المرأة، وتشمل سبعة بنود منها إبطال كلّ الأحكام واللوائح والأعراف التي تميّز بين الرجل والمرأة في قوانينها، واستبدالها بقوانين تؤكّد القضاء على التمييز ضدّ المرأة.

المادّة الثالثة: تناولت التدابير التي يمكن أنّ تتخذها الدول الأطراف من أجل تطور المرأة وتقدّمها على أساس المساواة مع الرجل، بما في ذلك التشريع.

أمّا المادّة الرابعة: فقد حظرت وضع أيّ أحكام أو معايير خاصة بالمرأة، وأوجبت أنّ تكون القوانين عامة للرجل والمرأة سواءً بسواء، كما سمحت بوضع قوانين مؤقتة خاصة بالمرأة للإسراع بمساواتها مع الرجل، وبعد تحقق هذه المساواة تصبح هذه القوانين المؤقتة ملغاة.

أمّا المادّة الخامسة: فقد ألزمت الدول الأطراف بتجسيد مبدأ المساواة في دساتيرها الوطنية وقوانينها الأخرى، وتَبَنِّي التدابير التشريعية والجنائية، وإقرار الحماية القانونية ضدّ التمييز، وتغيير القوانين والأعراف التي تشكّل تمييزاً ضدّ النساء، وحث الدول على العمل على تغيير الأنماط الاجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة؛ بهدف تحقيق القضاء على العادات العرفية المتحيّزة لجنس دون الآخر، والممارسات الأخرى القائمة على فكرة دونية أو تفوق أحد الجنسين، كما تحدّثت عن المسؤولية المشتركة لكلّ من الرجال والنساء في تنشئة الأبناء.

أمّا المادّة السادسة: فقد اختصت بوضع تشريعات مناسبة لمكافحة جميع أشكال الاتجار بالمرأة واستغلالها في الدعارة.

الجزء الثاني: الحقوق السياسية: (المواد 7 ـ 9) 3 مواد

ويحوي ثلاث مواد، تنادي بالمساواة بين الرجل والمرأة في المجال السياسي ترشيحاً وانتخاباً، ووظيفة وسلطة، وصياغة للسياسات ومشاركة في العمل التطوعي، وتمثيلاً للحكومات على المستوى الدولي، واشتراكاً في أعمال المنظّمات الدولية، وفي حق اكتساب الجنسية والاحتفاظ بها، وأن لا يُفرض على الزوجة تغيير جنسيتها إذا غيّر الزوج جنسيته وكذلك الأطفال.

الجزء الثالث: حق التعليم والعمل: (المواد 10 ـ 14) 5 مواد

ويشتمل هذا الجزء على خمس مواد، تنادي بمساواة المرأة والرجل في مناهج التعليم وأنواعه، والتدريب والتلمذة الحرفية، وتشجع التعليم المختلط، وتدعو إلى العمل على إزالة المفاهيم النمطية لدور المرأة والرجل في الأسرة، وتساوي الفرص في مجال المشاركات الرياضية، وإدخال معلومات تنظيم الأسرة في المناهج الدراسية، كما تنادي بحق المرأة في اختيار المهنة التي تمتهنها، وضمان الحقوق المتساوية مع الرجل في فرص العمل والأجر والضمان الاجتماعي والوقاية الصحية، وتدعو إلى حظر فصل المرأة عن العمل بسبب الحمل أو إجازة الأمومة، وتحث على تشجيع إنشاء مرافق رعاية الأطفال وتنميتها، وتدعو إلى اتخاذ التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضدّ المرأة في ميدان الرعاية الصحية، والمجالات الاقتصادية -الحصول على القروض والرهون وغيره من أشكال الائتمان المالي والاجتماعي-، والاشتراك في الأنشطة الترويحية والألعاب الرياضية وجميع جوانب الحياة الثقافية، كما أوْلَت اهتماماً بالمرأة الريفية، وناشدت أنّ تُكفل لها حقوق مساوية للرجال في وضع خطط التنمية وتنفيذها، والاستفادة من برامج الضمان الاجتماعي، والتدريب، وإنشاء التعاونيات، والمشاركة في جميع الأنشطة المجتمعية، وتوفير خدمات الإسكان والكهرباء والماء والنقل، وتوفير الخدمات والمعلومات في مجال تنظيم الأسرة.

الجزء الرابع: حق الأهلية القانونية: (المواد15 ـ 16) 2 مواد

يشتمل هذا الجزء على مادتين، تركزان على منح المرأة أهلية قانونية مماثلة لأهلية الرجل في جميع مراحل الإجراءات القضائية، وتنادي بإبطال كافة الصكوك التي تحدّ من أهلية المرأة القانونية، وتنادي بمساواتها بالرجل في قوانين السفر واختيار محل السكن، كما تؤكّد هذه المساواة في حق اختيار الزوج، وحق فسخ الزواج وحق الولاية والقوامة والوصاية على الأولاد، وحق اختيار اسم الأسرة والمهنة وحيازة الممتلكات والتصرف فيها، والحق في تحديد النسل وتحديد سن أدنى للزواج.

الجزء الخامس: الهيكل الإداري: (المواد 17 ـ 22) 5 مواد

ويشتمل على ست مواد، تفصل في طريقة تكوين اللجنة الخاصة بمراقبة تنفيذ الاتفاقية، وتدعو الدول الأعضاء للتعهد برفع تقرير للأمين العام للأمم المتحدة عما تم اتخاذه من تدابير تشريعية وقضائية وإدارية وغيرها؛ من أجل إنفاذ أحكام هذه الاتفاقية في غضون سنة واحدة من التوقيع عليها، وتقرير آخر كل 4 سنوات يحوي وصفاً مفصلاً لهيكل البلد القانوني والسياسي ووضع المرأة في الدولة والمنظمات الطوعية، وما اتخذ من إجراءات لتطبيق كل مادة على حدة. كما توضح بعض اللوائح الداخلية لتنظيم أعمال اللجنة (CEDAW) واجتماعاتها، وكيفية رفعها لتقريرها السنوي إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة بواسطة المجلس الاقتصادي والاجتماعي، وجواز أنّ تدعو اللجنة وكالات الأمم المتحدة المتخصصة للمشاركة في الاجتماعات في ما يقع في نطاق أنشطتها، كما لها أنّ تطلب تقديم تقرير عن تنفيذ الاتفاقية في هذه المجالات.

الجزء السادس: النفاذ والتوقيع والتحفظ: (المواد23 ـ 30) 8 مواد

يشتمل هذا الجزء على تقرير أنّ أحكام هذه الاتفاقية لا تمس أيّ أحكام تكون أكثر تيسيراً لتحقيق المساواة بين الجنسين وردت في تشريعات الدول الأطراف، أو في أحكام اتفاقية دولية نافذة، كما تلزم الدول الأطراف باتخاذ التدابير اللازمة -على الصعيد الوطني- التي تستهدف التطبيق الكامل للحقوق المعترف بها في هذه الاتفاقية، بينما تُبقي باب التوقيع على الاتفاقية مفتوحاً لجميع الدول، وكذلك باب طلب إعادة النظر في الاتفاقية عن طريق إشعار كتابي للأمين العام للأمم المتحدة. كما تقرر عدم جواز إبداء أيّ تحفظ يكون منافياً لموضوع الاتفاقية، وجواز سحب التحفظات في أيّ وقت بتوجيه إشعار للأمين العام للأمم المتحدة.

أمّا في شأن آلية حلّ النزاع بين دولتين موقعتين -حول تفسير الاتفاقية أو تطبيقها- فتقرر التفاوض أولاً، ثم التحكيم الدولي عند طلب أحد الدولتين ثانياً، ثم المحكمة العدلية الدولية ثالثاً. واختتمت الاتفاقية بالنص على حجية نصوصها باللغات الست المعتمدة للأمم المتحدة، وهي: الإسبانية، والإنجليزية، والروسية، والصينية، والفرنسية، والعربية.

بنود الاتفاقية في الميزان:

أولاً: الملاحظات الفنية والشكلية:

1ـ الاتفاقية ناقصة لأنّها تحدّثت عن حقوق المرأة وأغفلت واجباتها، فليس فيها بند واحد يلزم المرأة بواجب، والحق لا بد من أنّ يقابله واجب؛ حتى يحدث الاتزان المطلوب في المجتمعات.

2ـ الاتفاقية من حيث الكثير من المصطلحات والمفاهيم المهمة عائمة وفضفاضة فعلى سبيل المثال، المادّة الثالثة تتعلّق بالإجراءات التي تمكِّن المرأة من ممارسة الحقوق والحريات الأساسية على أساس المساواة مع الرجل، ولم تحدد المادّة هذه الحقوق ولا الحريات.

المادّة 3: تتخذ الدول الأطراف في جميع الميادين -ولا سيما الميادين السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية- كلّ التدابير المناسبة، بما في ذلك التشريعي منها، لكفالة تطوّر المرأة وتقدّمها الكاملين. وذلك لتضمن لها ممارسة حقوق الإنسان والحريات الأساسية والتمتع بها على أساس المساواة مع الرجل.

3ـ الاتفاقية من حيث الصياغة القانونية مشحونة بجوّ العداء بين الرجل والمرأة، فهي تُصور العلاقة بين الرجل والمرأة كعلاقة ظلم تاريخي تريد أنّ تضع حدّاً له، وترتكز إلى عقلية شحيحة ترى أنّ الرجل إذا أخذ نصيباً أكبر فإنّ ذلك على حساب المرأة. والصواب أنّ الحياة ليست بهذا الضيق بل هي رحبة فسيحة تسعهما معاً، ولكلّ دوره ووظيفته في تناغمٍ وتكاملٍ لإثراء الحياة وتحقيق التعارف والمودة والرحمة وحفظ النوع، {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إنّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إنّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}[1]، {وَمِنْ آيَاتِهِ أنّ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تَنتَشِرُونَ، وَمِنْ آيَاتِهِ أنّ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إنّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ}[2]، ثم إنّ اختلاف الأدوار الحياتية يقتضي اختلافاً في الحقوق والواجبات بلا ظلم أو إجحاف.

المادّة 5 بند(أ):

(أ) تغيير الأنماط الاجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة، بهدف تحقيق القضاء على التحيّزات والعادات العرفية وكلّ الممارسات الأخرى القائمة على الاعتقاد بكون أيّ من الجنسين أدنى أو أعلى من الآخر، أو على أدوار نمطية للرجل والمرأة.

الاتفاقية تنمّي روح الفردية، وتنظر إلى المرأة باعتبارها فرداً مستقلاً وليس عضواً في أسرة أو جزءاً من مجتمع.

كالمادّة 9 فقرة (1):

1ـ تمنح الدول الأطراف المرأة حقوقاً مساوية لحقوق الرجل في اكتساب جنسيتها أو تغييرها أو الاحتفاظ بها. وتضمن بوجه خاص ألا يترتب على الزواج من أجنبي، أو على تغيير الزوج لجنسيته أثناء الزواج، أنّ تتغير تلقائياً جنسية الزوجة، أو أنّ تصبح بلا جنسية، أو أنّ تفرض عليها جنسية الزوج.

وأيضاً المادّة 15 فقرة (4):

4ـ تمنح الدول الأطراف الرجل والمرأة نفس الحقوق فيما يتعلّق بالتشريع المتصل بحركة الأشخاص وحرية اختيار محلّ سكناهم وإقامتهم.

ثانياً: الملاحظات من حيث المضمون والمحتوى:

1ـ ترتكزُ الاتفاقية على تفسير المساواة بين الرجل والمرأة بالتماثل التامّ بين الرجل والمرأة في مختلف الشؤون دونَ مراعاةٍ للخصوصيَّات التكوينيَّة والفسيلوجيَّة، فكلُّ إجراءٍ لا يُراعى فيه التماثلُ التامّ بينَ الرجل والمرأة فهو تمييزٌ ضدّ المرأةِ، هذا هو التفسيرُ للمساواةِ في الاتفاقيَّة، وعليه فالتمييزُ الإيجابيُّ الذي تُراعى فيه الفوارقُ التكوينيَّة والفسيلوجيَّة ويُراعى فيه العفافُ والحشمةُ والتوازنُ بين الحقوقِ والواجباتِ يعدُّ تمييزاً ضدّ المرأة وانتهاكاً لحقِّها في التماثل المُطلق، هذا هو ما نصَّت عليه المادّة الأولى وتقتضيه أكثرُ موادِّ الاتفاقيَّة.

المادّة 1: لأغراض هذه الاتفاقية يعني مصطلح (التمييز ضدّ المرأة) أي تفرقة أو استبعاد أو تقييد يتم على أساس الجنس ويكون من آثاره أو أغراضه توهين أو إحباط الاعتراف للمرأة بحقوق الإنسان والحريات الأساسية في الميادين السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمدنية أو في أي ميدان آخر، أو توهين أو إحباط تمتعها بهذه الحقوق أو ممارستها لها، بصرف النظر عن حالتها الزوجية وعلى أساس المساواة بينها وبين الرجل.

2ـ تنص المادّة الثانية من الاتفاقية على: أنّه يجب على الدول الموقعة إبطال كافة الأحكام واللوائح والأعراف التي تميز بين الرجل والمرأة من قوانينها، حتى تلك التي تقوم على أساس ديني، كما في الإرث {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ}[3]، وهذه مخالفة واضحة للشريعة الإسلامية، وبمقتضى هذه القوانين تصبح جميع الأحكام الشرعية، المتعلّقة بالنساء باطلة ولا يصح الرجوع إليها أو التعويل عليها، فالاتفاقية في الواقع تنسخ الشريعة، والله d يقول: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً}[4].

المادّة 2: تشجب الدول الأطراف جميع أشكال التمييز ضدّ المرأة، وتتفق على أنّ تنتهج، بكلّ الوسائل المناسبة ودون إبطاء، سياسة تستهدف القضاء على التمييز ضدّ المرأة، وتحقيقا لذلك تتعهد بالقيام بما يلي:

(أ) إدماج مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة في دساتيرها الوطنية أو تشريعاتها المناسبة الأخرى، إذا لم يكن هذا المبدأ قد أدمج فيها حتى الآن، وكفالة التحقيق العملي لهذا المبدأ من خلال التشريع وغيره من الوسائل المناسبة.

(و) اتخاذ جميع التدابير المناسبة، بما في ذلك التشريعي منها، لتغيير أو إبطال القائم من القوانين والأنظمة والأعراف والممارسات التي تشكّل تمييزاً ضدّ المرأة.

أي أنّ التوقيعَ على الاتفاقية يفرضُ على الدولة الموقّعة العملَ بجدٍّ على التغيير لكلّ القوانين واللوائح المنافية لمقتضى الاتفاقية كما يفرضُ عليها استحداثَ قوانينَ متطابقةٍ مع بنودِ الاتفاقية إذا لم تكنْ تلك القوانينُ موجودةً أساساً في الدستور أو النظام الأساسيّ للدولة، ويكونُ على الدولة الموقّعة رفعُ تقريرٍ للأمين العام للأمم المتَّحدة يُبيِّنُ الخطوات والتدابير التشريعيَّة والقضائيَّة والإداريَّة التي قامتْ بها في هذا الصدد بعد سنةٍ من التوقيع، وعليها بعد ذلك أنّ ترفع تقريراً آخر كلَّ أربع سنوات وكذلك كلَّما طلبتْ منها ذلك اللجنةُ المختصَّة، ويكون للدول الموقِّعة التحفُّظُ على بعض موادّ الاتفاقية بشرط أنّ لا تكون هذه التحفّظات موجبةً لإفراغ الاتفاقية من مضمونِها وأهدافِها، وللأمم المتَّحدة الضغطُ المستمرّ لرفع التحفُّظات أو التخفيف منها بوسائل مذكورة في الاتفاقية بعضُها تمسُّ السيادة وعلى هذا الأساسِ رفضتْ الولاياتُ المتَّحدة الأمريكيَّة التوقيع على الاتفاقية برمَّتِها. وهذه الأمور الإجرائية نصت عليها الموادّ 18، 21، 22، 24، 27، 28 من الاتفاقيَّة.

3ـ المادّة الخامسة دعت إلى القضاء على الأدوار النمطية للمرأة، ولا تعني بها دور الأمّ المتفرّغة لرعاية أطفالها فحسب، بل تعني كذلك أنّه يمكن أنّ تقوم أسرة غير نمطية من أنثيين، كما يمكن أنّ تقوم من رجلين وفي هذا إقرار للشذوذ الجنسي، وقد تكرر طرق هذا الموضوع من قبل الأمم المتحدة بمختلف منظماتها المتعلقة بالمرأة والشباب، وقد "أشار أحد مطبوعات الأمم المتحدة -وهو كتاب: الأسرة وتحديات المستقبل- إلى أنّ هناك 12 شكلاً ونمطاً للأسرة منها أسر الشواذ (الجنس الواحد) خلافاً للفطرة الإنسانية السليمة".

المادّة 5:

تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة لتحقيق ما يلي:

 (أ) تغيير الأنماط الاجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة، بهدف تحقيق القضاء على التحيزات والعادات العرفية وكلّ الممارسات الأخرى القائمة على الاعتقاد بكون أيّ من الجنسين أدنى أو أعلى من الآخر، أو على أدوار نمطية للرجل والمرأة.

4ـ المادّة التاسعة تتعلّق بهوية المرأة وحقها في التجنس، وإعطائها حقاً مساوياً للرجل فيما يختص بجنسية أبنائها وأن يحمل الأبناء اسم الأم كما يحملون اسم الأب، وهذا يخالف الإسلام لقوله تعالى: {ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِندَ اللهِ}[5]، فنسب الطفل يكون لوالده وليس لأمّه.

المادّة 9:

2ـ تمنح الدول الأطراف المرأة حقاً مساوياً لحقّ الرجل فيما يتعلق بجنسية أطفالهما.

5ـ ورد في المادّة العاشرةِ فقرة (ج): إنّ على الدولة القضاء على أيّ مفهومٍ نمطي عن دور الرجل ودور المرأة على جميع مستويات التعليم، وفي جميع أشكاله وذكرتْ مثالاً على ذلك التعليم المختلَط، فالدولة مطالبة بمقتضى هذه الاتفاقية على توفير التعليم المختلط في كافة المراحل الدراسية، لأنّ الفصل بين الجنسين تمييز ضدّ المرأة. كما تراه هذه الاتفاقية.

المادّة 10:

(ج) القضاء على أيّ مفهوم نمطي عن دور الرجل ودور المرأة في جميع مراحل التعليم بجميع أشكاله، عن طريق تشجيع التعليم المختلط، وغيره من أنواع التعليم التي تساعد في تحقيق هذا الهدف، ولا سيما عن طريق تنقيح كتب الدراسة والبرامج المدرسية وتكييف أساليب التعليم.

6ـ الاستحقاقات الأسرية التي طالبت المادّة الثالثة عشرة بالمساواة فيها بين الرجال والنساء والتي تشمل المساواة في الميراث أمر يخالف الشريعة الإسلامية.

المادّة 13:

تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضدّ المرأة في المجالات الأخرى للحياة الاقتصادية والاجتماعية لكي تكفل لها، على أساس المساواة بين الرجل والمرأة نفس الحقوق، ولاسيّما:

(أ) الحق في الاستحقاقات العائلية.

7ـ للمرأة الحرية التامة طبق المادّة 13 بند (ج) الحق في الاشتراك في الأنشطة الترويحية والألعاب الرياضية في جميع جوانب الحياة الثقافية، وهذا يتنافى مع آيات الحجاب التي نص عليها القرآن الكريم، وليس للأب أو الزوج منعها من ذلك، فلا ولاية ولا وصاية لأحد عليها. (فريق مشترك رجالي ونسائي بنفس اللباس). هذه الفقرة تحتاج إلى إيضاح أكثر لأنّه قد يتصوّر القارئ منافاته لكل ممارسات المرأة للرياضة حتى في الصالات المغلقة أو في الأندية الخاصة أو في البيت.

المادّة 13:

(ج) الحق في الاشتراك في الأنشطة الترويحية والألعاب الرياضية وفي جميع جوانب الحياة الثقافية.

8ـ المادّة الخامسة عشرة: تمنح المرأة أهلية قانونية متساوية مع الرجل، كما في البند الثاني من المادّة نفسها، حيث إنّ هذا البند من هذه المادّة يخالف الشريعة الإسلامية التي جعلت شهادة رجل تساوي شهادة امرأتين كما في قوله تعالى:{وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فإنّ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ}[6].

المادّة 15:

2ـ تمنح الدول الأطراف المرأة، في الشؤون المدنية، أهلية قانونية مماثلة لأهلية الرجل، وتساوى بينها وبينه في فرص ممارسة تلك الأهلية. وتكفل للمرأة، بوجه خاص، حقوقاً مساوية لحقوق الرجل في إبرام العقود وإدارة الممتلكات، وتعاملهما على قدم المساواة في جميع مراحل الإجراءات القضائية.

المادّة (16):

هي أكثر المواد خطورة في هذه الاتفاقية، والتي تمثل حزمة من المخالفات الشرعية؛ -وأرى بأنّ الاتفاقية خلاصتها هذه المادّة، فالموادّ التي قبلها مجرّد توطئة لهذه المادّة، والموادّ التي بعدها هي في الواقع هي مجرد إجراءات وتدابير لتحقيق هذه المادّة- فمن تلك المخالفات:

ـ إلغاء الولاية، فكما أنّ الرجل لا وليّ له، إذن -بموجب ذلك- يتم إلغاء أيّ نوع من الولاية أو الوصاية على المرأة، وذلك من باب التساوي المطلق بينها وبين الرجل، فللبنت الزواج بمن شاءت -ولو كان كافراً- بدون إذن الولي.

المادّة 16:

9ـ تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة للقضاء على التمييز ضدّ المرأة في كافة الأمور المتعلّقة بالزواج والعلاقات العائلية، وبوجه خاص تضمن، على أساس المساواة بين الرجل والمرأة:

(ب) نفس الحق في حرية اختيار الزوج، وفى عدم عقد الزواج إلا برضاها الحر الكامل.

ـ منع تعدد الزوجات، من باب التساوي بين الرجل والمرأة التي لا يسمح لها بالتعدد، والله تعالى يقول: {فَانكِحُواْ مَا طَابَ لَكُم مِّنَ النِّسَاء مَثْنَى وَثُلاَثَ وَرُبَاعَ}[7] وقد علّقت لجنة السيداو بالأمم المتحدة على تقارير بعض الدول الإسلامية بشأن التعدد بما يلي: "كشفت تقارير الدول الأطراف عن وجود ممارسة تعدد الزوجات في عدد من الدول، وإنّ تعدد الزوجات يتعارض مع حقوق المرأة في المساواة بالرجل... ويمكن أنّ تكون له نتائج انفعالية ومادية خطيرة على المرأة وعلى من تعول، ولذا فلا بد من منعه". أي إما التعدد معاً أو لا تعدد.

(ز) نفس الحقوق الشخصية للزوج والزوجة.

ـ إلغاء العدة للمرأة (بعد الطلاق أو وفاة الزوج) لتتساوى بالرجل الذي لا يعتد بعد الطلاق أو وفاة الزوجة، يقول الله: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ}[8] أي قاربن انقضاء عدتهن. {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا * فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا فَعَلْنَ فِي أَنفُسِهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ * وَاللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}[9]، إما أنّ العدّة للزوجين أو لا عدة في البين.

(ز) نفس الحقوق الشخصية للزوج والزوجة.

ـ إلغاء قوامة الرجل في الأسرة بالكامل {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ}[10].

(ح) نفس الحقوق لكلا الزوجين فيما يتعلق بملكية وحيازة الممتلكات والإشراف عليها وإدارتها والتمتع بها والتصرّف فيها، سواء بلا مقابل أو مقابل عوض.

ـ إعطاء المرأة حق التصرف في جسدها: بالتحكم في الإنجاب عبر الحق في تحديد النسل والإجهاض والله تعالى يقول: {وَلاَ تَقْتُلُواْ أَوْلاَدَكُم مِّنْ إمْلاَقٍ نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ}[11].

(هـ) نفس الحقوق في أنّ تقرر بحرية وبإدراك للنتائج، عدد أطفالها والفاصل بين الطفل والذي يليه، وفي الحصول على المعلومات والتثقيف والوسائل الكفيلة بتمكينها من ممارسة هذه الحقوق.

 ـ تقييد حق الزوج في معاشرة زوجته: إذا لم يكن بتمام رضا الزوجة، حيث تعده الاتفاقيات (اغتصاباً زوجيّاً)، وتنادي بتوقيع عقوبة ينص عليها القانون تتراوح بين السجن والغرامة، والله تعالى يقول: {نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ}[12].

(ز) نفس الحقوق الشخصية للزوج والزوجة.

 ـ الطلاق ليس من مختصات الرجل وليست العصمة بيده، بل هو حق مشترك بين الزوجين، فلكلّ منهما أنّ يطلّق الآخر أو يفسخ العقد.

(ج) نفس الحقوق والمسؤوليات أثناء الزواج وعند فسخه.

وغيرها من المسائل التي صرحت بها أو استبطنتها هذه المادّة التي تنسخ الكثير من الآيات القرآنية -في حال الأخذ أو العمل بها- باتفاق كافة الفرق والمذاهب الإسلامية.

ختاماً: حينما ننتقد هذه الاتفاقية التي تحطّ من كرامة المرأة من أجل مشتهيات ورغبات جامحة في نفوس الشواذّ، فنحن لا نقف ضدّ حصول المرأة على كامل حقوقها كغيرها من البشر، ولكن لا بد من أنّ يكون ذلك على وفق الحقوق والواجبات التي أقررتها الشريعة الإسلامية (للرجل والمرأة) على ضوء التشريعات الصادرة التي تكفل كرامة الإنسان -رجلاً كان أو امرأة- وما هذا الظلم الواقع على المرأة والرجل على حدٍّ سواء إلا نتيجة للابتعاد عن شرع السماء وعبادة لهوى النفس، وتأمّل بسيط بين تعامل الإسلام مع المرأة وتعامل الغرب يفضح أكذوبة هذه الاتفاقيات المزيفة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

[1] سورة الحجرات: 13.

[2] سورة الروم: 21.

[3] سورة النساء: 176.

[4] سورة النساء: 65.

[5] سورة الأحزاب: 5.

[6] سورة البقرة: 282.

[7] سورة النساء: 3.

[8] سورة البقرة: 232.

[9] سورة البقرة: 243.

[10] سورة النساء: 34.

[11] سورة الأنعام: 151.

[12] سورة البقرة: 223.


0 التعليق


ارسال التعليق

احدث المقالات

الاكثر زيارة

الاكثر تعليقا