إله أم نبي ؟!! المسيح بين القرآن والإنجيل ( القسم الأول)

إله أم نبي ؟!! المسيح بين القرآن والإنجيل ( القسم الأول)

مدخل البحث:

يرى المسلمون بأن المسيح هو نبي كبقية الأنبياء(1)، في حين يعتقد المسيحيون بأنه يمثل الأقنوم الثاني من الثالوث المقدس عندهم(2)، هذا ويدعي المسلمون والمسيحيون أن هذه النظرة مستمدة من كتبهم المقدسة. وما نحاول التعرض له في هذا البحث هو دعوى ألوهية السيد المسيح من منظور القرآن الكريم والكتب المقدسة عند المسيحيين.

وقبل الدخول في البحث لابد من التنبيه على الفارق الجوهري بين نظرة المسلمين لكل من القرآن الكريم والإنجيل وبين نظرة المسيحيين لهما:

- فالمسلمون يرون بأن هذين الكتابين هما كتابان سماويان أنزلهما الله على رسوليه محمد(ص)  وعيسى(ع)، ويرون بأن الأناجيل الموجودة في يد المسيحيين حاليا ما هي إلا كتب محرفة، في الوقت الذي يعتقدون فيه بأن القرآن محفوظ ومنزه عن التحريف.

- والمسيحيون في المقابل يعتقدون بأن الإنجيل هو عبارة عن سيرة كتبها بعض الأفراد عن المسيح والأفعال والأقوال والمعاجز التي قام بها إلى حين صلبه، والأناجيل الموجودة عندهم أربعة أناجيل كتبها أربعة أفراد ملهمون من قبل الله - ولهذا تكتسب حالة من القدسية عندهم - ولكنها ليست وحيا مباشرا من السماء، ولا تقتصر الكتب المقدسة عندهم على خصوص الأناجيل بل هناك كتب أخرى مقدسة أيضا وهم يقسّمون هذه الكتب إلى مجموعتين رئيسيتين يطلقون على المجموعة الأولى اسم العهد القديم(3) ويطلقون على المجموعة الثانية اسم العهد الجديد(4)، في حين أن القرآن – بحسب نظرتهم- كتاب فاقد لأي صفة قدسية، لأنه لم يكتب بإلهام إلهي.

وسينقسم البحث إلى قسمين:

القسم الأول: سنطرح من خلاله نظرة المسيحيين للمسيح من خلال مصادرهم، وسنسعى لمناقشتها بموضوعية تامة وبعيدا عن الأحكام المسبقة.

القسم الثاني: وسنطرح من خلاله الأدلة التي ساقها القرآن الكريم لنفي ألوهية المسيح وإثبات أنه إنسان كباقي الأنبياء، ولكن سيكون بحثنا في هذا القسم بشيء من الإختصار.

ولكوني مسلما – ولكي أكون موضوعيا في البحث- فما سأذكره في القسم الثاني من الآيات القرآنية التي تنفي ألوهية المسيح إنما سأتعامل معها كمنبهات فقط، أي أنني لن أنقلها على أنها أدلة مستقلة، ولن أتعامل معها بحسب عقيدتي فيها، إذ لا يمكن إلزام المسيحيين بكتاب لا يعتقدون به، وهذا بخلاف ما ورد في الأناجيل مما يمكن الاستدلال به على نفي ألوهية المسيح إذ أنها – وإن كانت محرفة بحسب نظرنا- تعتبر بمثابة إقرار منهم بذلك، فيمكنني إلزامهم به.

القسم الأول: المسيح في المصادر المسيحية:

كمدخل للبحث أرى من اللازم طرح بعض الأسئلة ومحاولة الإجابة عليها من خلال المصادر المسيحية، وذلك لتتضح النقاط المبهمة قبل الدخول في البحث، وسأذكر الأسئلة أولا ثم أذكر الجواب عنها في ضمن محاور مستقلة:

1- ما هي حقيقة الثالوث المقدس عند المسيحيين؟

2- ما هي النصوص التي تشير إلى الأقانيم الثلاثة في الكتب المقدسة؟

3- هل وردت لفظة الثالوث في نصوص الكتاب المقدس؟

4- هل يوجد تعارض بين نظرية الثالوث وبين التوحيد؟

5- ما هي الأدلة على أن المسيح ابن الله؟

في مقام الجواب نقول:

1- حقيقة الثالوث عند المسيحيين:

يدعي المسيحيون بأنهم موحدون، وأن نظرية التثليث لا تتنافى مع التوحيد(5)، فهم يدعون بأن الأقانيم الثلاثة (الأب والابن والروح القدس) هي جوهر واحد، وفي هذا الصدد يقول قاموس الكتاب المقدس:

" الثالوث الأقدس: عرّف قانون الإيمان هذه العقيدة بالقول (نؤمن باله واحد الأب والابن والروح القدس إله واحد جوهر واحد متساوين في القدرة والمجد). في طبيعة هذا الإله الواحد تظهر ثلاثة خواص أزلية، يعلنها الكتاب في صورة شخصيات(أقانيم ) متساوية. ومعرفتنا بهذه الشخصية المثلثة الأقانيم ليست إلا حقا سماويا أعلنه لنا الكتاب في العهد القديم بصورة غير واضحة المعالم، لكنه قدمه في العهد الجديد واضحا، ويمكن أن نلخص العقيدة في هذه النقاط الست التالية:

1 - الكتاب المقدس يقدم لنا ثلاث شخصيات يعتبرهم شخص الله.

2 - هؤلاء الثلاثة يصفهم الكتاب بطريقة تجعلهم شخصيات متميزة الواحدة عن الأخرى.

3 - هذا التثليث في طبيعة الله ليس مؤقتا أو ظاهريا بل أبدي وحقيقي.

4 - هذا التثليث لا يعني ثلاثة آلهة بل إن هذه الشخصيات الثلاث جوهر واحد.

5 - الشخصيات الثلاث الأب والابن والروح القدس متساوون.

6 - ولا يوجد تناقض في هذه العقيدة، بل بالأحرى أنها تقدم لنا المفتاح لفهم باقي العقائد المسيحية"(6).

ويبقى أن نشير إلى أن هذه العقيدة التي نص عليها قاموس الكتاب المقدس لم تكن واضحة المعالم في زمن المسيح أو في الفترة التي تلت عصر المسيح، فقد مرت بالكثير من المخاضات العسيرة، الأمر الذي يفسر لنا لماذا كانت حقيقة الثالوث السبب الرئيسي في انعقاد معظم المجامع المسكونية بدءاً من مجمع نيقية الذي انعقد في سنة 325م لإثبات ألوهية المسيح والرد على آريوس الذي نفى أن يكون المسيح إلها.

2- النصوص التي تشير إلى الأقانيم الثلاثة:

لم يغفل مؤلفو قاموس الكتاب المقدس عن سوق الأدلة على نظرية التثليث من خلال نصوص الكتاب المقدس، ولكنهم اكتفوا بالإشارة إلى المصدر بذكر أسماء الكتب وأرقام الفصول على ما هو المتعارف في أمثال هذه الأمور، وفي ما يلي نذكر نص عبارتهم(7) وسنذكر في الهوامش النصوص التي يشيرون إليها وسنعطي لكل نص رقما خاصا به:

"ولقد كانت هذه الحقيقة مُتضمَنة في تعليم المسيح(يو 14 : 9 – 11) و(يو 14 : 26) و(يو 15 : 26)(8)

وقد تمسكت الكنيسة بما جاء واضحا في (مت 28 : 19)(9).

وتحدث الرسل مقدّمين هذه الحقيقة في (2 كو 13 : 14) و(1 بط 1 : 2) و( 1 يو 5 : 7)(10).

ولا نستطيع أن نُغفل منظر معمودية المسيح وفيه يسمع صوت الأب واضحا موجها إلى المسيح، ويستقر الروح القدس على رأس المسيح الابن في شكل حمامة(مت 3 : 16 و 17) و(مر 1 : 10 و 11) و(لو 3 : 21 و 22) و(يو 1 : 32 و 33)(11) "

انتهى ما نقلناه عن قاموس الكتاب المقدس.

3- لفظة الثالوث في نصوص الكتاب المقدس:

وهنا نتساءل عن سبب إهمال نصوص الكتاب المقدس لأي إشارة للفظة الثالوث بوصفها عقيدة؟

ومن أين أتى رجال الكنيسة بهذا اللفظ؟

وكيف اكتشفوا طبيعة علاقة هذه الأقانيم الثلاثة بعضها بالبعض الآخر؟

وهل صحيح بأن لفظ الثالوث لم يرد في الكتاب المقدس؟!

ويجيبنا قاموس الكتاب المقدس عن هذه الأسئلة قائلا :

"لقد كان يقين الكنيسة وإيمانها بلاهوت المسيح هو الدافع الحتمي لها لتصوغ حقيقة التثليث في قالب يجعلها المحور الذي تدور حوله كل معرفة المسيحيين بالله في تلك البيئة اليهودية أو الوثنية وتقوم عليه. والكلمة نفسها " التثليث أو الثالوث " لم ترد في الكتاب المقدس، ويظن أن أول من صاغها واخترعها واستعملها هو ترتليان في القرن الثاني للميلاد"(12)

وكلامهم صريح في أنه لا يوجد في الأناجيل بل غيرها من كتب العهد الجديد أيضا أي نص صريح يشير إلى نظرية التثليث كنظرية متكاملة، وهذا ليس بدعا من القول بل نجد بعض الباحثين منهم يصرحون بأنه "من المعروف أن تعليم وحدانية الله وامتياز الأقانيم أحدها عن الآخر ومساواتها في الجوهر، ونسبة أحدها للآخر لم يرد في الكتاب المقدس جملة واحدة بالتصريح به، بل في آيات متفرقة. غير أن جوهر هذه الأمور منصوص عليه من أول الكتاب المقدس إلى آخره "(13)

4- التوحيد ونظرية الثالوث:

وإذا ما تسائلنا كما يتساءل الكثيرون: ألا تتناقض هذه العقيدة مع التوحيد؟  فكيف يمكن أن تكون هذه المعادلة (1=3)، وهل يمكن للعقل أن يقبل بهذا ؟!  فينبري مؤلفوا قاموس الكتاب المقدس حينئذ للإجابة بما يعتقدون أنه يرفع الحيرة من النفوس قائلين:

"وأخيرا نود أن نشير إلى أن عقيدة التثليث عقيدة سامية ترتفع فوق الإدراك البشري ولا يدركها العقل مجردا، لأنها ليست وليدة التفكير البشري بل هي إعلان سماوي يقدمه الوحي المقدس، ويدعمه الاختبار المسيحي. وهكذا تصير كل ديانة يبتدعها البشر خالية من عقيدة التثليث. وفي سبيل قبول هذه العقيدة واعتناقها لا بد من الاختيار العميق للحياة المسيحية"(14)

5- الأدلة على أن المسيح ابن الله:

في فترات سابقا أجريت بعض الحوارات مع شخصيات مسيحية حول كون المسيح أبن الله، وفي أثناء بعض هذه الحوارات التي جرت – شفاهيا وكتابيا- حول هذه النقطة ذكروا جملة من الأدلة، كما أن قاموس الكتاب المقدس(15) يشير إلى بعض هذه الأدلة أيضا، ويمكن تلخيص أهم الأدلة على ذلك بما يلي:

1- وردت الإشارة كثيرا إلى المسيح بلفظ "ابن الله" في موارد كثيرة جدا من الأناجيل الأربعة(16).

2- نقلت الأناجيل عن المسيح تعبيره عن الله بلفظة (أبي)، أو (الأب) وذلك في موارد كثيرة جدا.

3- ما ورد في انجيل يوحنا، على لسان المسيح أنه قال (فان لم تؤمنوا بي فامنوا بالأعمال لكي تعرفوا و تؤمنوا أن الأب في وأنا فيه)(17)، وقال أيضا "ليكون الجميع واحدا أيها الأب كما انك أنت في و أنا فيك ليكونوا هم أيضا واحدا فينا لكي يؤمن العالم انك أنت أرسلتني"(18) فالمسيح هنا يقول أنه متحد وحدة تامة مع الأب.

4- عند معمودية المسيح جاء صوت من السماء قائلا :"هذا ابني الحبيب"على ما ذكره متى في إنجيله(19).

5- ما حصل على يديه من معاجز كشفاء المرضى وإحياء الموتى.

6- قيامته من الأموات وصعوده إلى السماء.

7- أنه ولد من غير أب كما تصرح الأناجيل، بل ويصرح بذلك القرآن الكريم أيضا.

فيقولون بأن مجموع هذه الأمور تنفي أن يكون المسيح شخصا عاديا كباقي الناس، ولذا فلا بد أن يكون أبن الله.

حقيقة هذه البنوة:

ولكن ماذا يقصدون من كون المسيح ابن الله؟ هل المقصود الولادة الجسدية؟

لم تكن مسألة بنوة المسيح لله مسألة مسلمة عند مسيحيي القرون الأولى، فكما تشير المصادر فقد برزت في الأوساط المسيحية فئتان رئيسيتان أنكرتا هذه العقيدة:

1- التبنويين: وهؤلاء قالوا بأن المسيح ليس سوى إنسان تبناه الله، ولهذا فقد أطلق عليهم لفظ "التبنويين" لأنهم يقولون بعقيدة التبني، فالمسيح في نظرهم ليس ابنا لله بالمعنى الصحيح للكلمة، فيرفضون بنوة المسيح لله ويرفضون كونه أزليا، وفي ذلك يقول المطران كيرلس سليم بسترس "لقد سار في هذا الاتجاه منذ القرن الأول بعض النصارى من اليهود، الذين آمنوا أن يسوع هو المسيح، لكنهم رفضوا الاعتراف بأنه ابن الله المولود من الأب منذ الأزل"(20)

2- الأريوسيين: وهؤلاء هم أتباع آريوس الذي جاهر بنفي ألوهية المسيح ونفي بنوته حيث يصرح بأن المسيح مخلوق من مخلوقات الله، وقد تسببت آرائه في حصول لغط شديد مما دفع رجال الكنيسة إلى عقد مجمع نيقية سنة 325م برعاية الإمبراطور الروماني الذي كان حديث عهد بالمسيحية وقد قرروا من خلال هذا المجمع رفض آراء آريوس وأصدروا قانونا جديدا عرف فيما بعد باسم قانون الإيمان النيقاوي وجاء فيه:" بالحقيقة أؤمـن بإله واحـد، الله الأب، ضابط الكـلّ، خـالق السماء والأرض، ما يرى وما لا يرى، وبرب واحد يسوع المسيح، ابن الله الوحيد، المولود من الأب قـبل كل الدهور، نور من نور، إله حق من إله حق، مولود غـير مخلوق،..." وقد صار هذا القانون نصا تردده الكنائس المسيحية في جميع قداساتها.

لقد أحيطت هذه البنوة المدعاة بهالة من الغموض والضبابية في عبائر أرباب الكنيسة ولازالت عبائرهم مشوشة، ولعل السبب الرئيسي في ذلك أنه لا توجد لديهم نصوص صريحة في كتب العهدين –القديم والجديد- توضح طبيعة وماهية هذه العلاقة، الأمر الذي أسهم بشكل مباشر في وقوع الخلاف حول طبيعة هذه العلاقة، فيحكي لنا التاريخ بأن طبيعة هذه البنوة كانت محل نزاع بين المسيحيين في القرون الأولى، فقد كان نسطور بطريرك القسطنطينية يعتقد" أن القديسة مريم، لم تلد إلها متجسدا، بل ولدت إنسانا فقط. ثم حل فيه بعد ذلك ابن الله، لا حلول الاتحاد بل حلول المشيئة والإرادة. وأن المسيح لهذا السبب طبيعتين وإقنومين"(21) وقد تبعه على هذا القول جماعة كثيرة عرفوا فيما بعد بالنساطرة.

لقد كان لآراء نسطور وقعها الشديد على الكنائس المسيحية حيث أشتد الجدال حولها وأحدثت الكثير من البلبلات، وعلى إثر ذلك انعقد مجمع أفسس الأول في تركيا سنة 431م بزعامة كيرلس بطريرك الاسكندرية لمناقشة هذه المسألة وقد قام هذا المجمع بالرد على آراء نسطور وتم تجريده من منصبه كبطريرك للقسطنطينية، وتبنى هذا المجمع رأيا يقول بأن المسيح له طبيعة واحدة ومشيئة واحدة واقنوما واحدا متجسدا، وفي ذلك يقول بطريرك الاسكندرية القديس كيرلس: " إن لسيدنا يسوع المسيح أقنوما واحدا إلهيا اتحد بالطبيعة الإنسانية اتحادا تاما بلا اختلاط ولا امتزاج ولا استحالة، فالعذراء والحالة هذه هي بحق والدة الإله، فمريم لم تلد إنسانا عاديا بل ابن الله المتجسد، لذلك هي حقا أم الله " وهذا القول تبنته الكنيسة القبطية الأرثوذكسية وأغلب الكنائس الشرقية، وقد عرفوا باليعاقبة نسبة إلى يعقوب البرادعي على ما قيل، وقد أشار القرآن الكريم إلى هذه الجماعة في ضمن سورة المائدة(22).

كانت قرارات مجمع أفسس الاول الذي انعقد في سنة 431م المفتاح الذي أدى إلى تفتيت وحدة الكنائس المسيحية، فبالإضافة إلى أنه أفرز طائفة النساطرة فإن قرارات هذا المجمع أوجدت حالة من السجالات الكلامية في أوساط بعض المسيحيين وقد واجه بعض القساوسة تهما بالهرطقة وساد جو من الفوضى في أوساط رجال الكنيسة الأمر الذي قاد في نهاية الأمر إلى عقد مجمع أفسس الثاني سنة 449م الذي ترأسه بابا الإسكندرية ديسقوروس وقد قرر هذا المؤتمر طرد فلابيانوس أسقف القسطنطينية لأنه كان يؤمن أن المسيح بعد تجسده كان له طبيعتين ومشيئتين.

لقد كانت قرارات مجمع أفسس الثاني المنعقد في سنة 449م السبب المباشر في حصول الإنقسام التام بين الكنيسة الأرثوذكسية والكنيسة الكاثوليكية حيث أن قرارات هذا المجمع قوبلت بالرفض من قبل كنيسة روما الكاثوليكية التي سمته (مجمع اللصوص) وسعت لعقد مجمع بهذا الخصوص وانعقد هذا المجمع في سنة 451م في مدينة خلقدونية وفي هذا المؤتمر اتخذت قرارات هامة منها عزل بابا الاسكندرية ديسقوروس وتم التأكيد على أن للمسيح طبيعتين ومشيئتين واقنوم واحد، فهم من هذه الجهة يشابهون النساطرة الذين يقولون بأن للمسيح طبيعتين ومشيئتين، والفرق بين الكاثوليك وبين النساطرة يكمن في أن النساطرة يقولون أن مريم ولدت الإنسان فقط ثم حلت فيه المشيئة الإلهية بينما الكاثوليك يقولون أن مريم ولدت الإثنين معا.

لم يقبل اساقفة مصر بقرارات مجمع خلقدونية، ولكن وبعد أن تم عزل بطريرك الاسكندرية ونفيه حاول الإمبراطور الروماني مرقيانوس أن يفرض على المصريين (بابا) جديدا يتبنى آراء مجمع خلقدونية فأرسل لهم بروتاريوس بديلا عن البابا المعزول إلا أن هذا الإجراء قوبل بالرفض من قبل الأساقفة المصريين وقد أدى ذلك إلى حدوث صدامات عنيفة بين المصريين والقوات الرومانية التي كانت تسيطر على مصر آنذاك وقد قتل على إثر ذلك ما يقارب الثلاثين ألف مصري على حسب بعض المصادر(23).

وبهذا تعمق الخلاف بين الكنيسة المصرية الأرثوذكسية وبين كنيسة روما الكاثوليكية.

التعليق:

ولكي يكون التعليق وافيا بالموضوع سأضع تعليقي في ضمن نقاط:

أولا: نظرية التثليث في ضوء العقل:

يقول خصوم المسيحيين أن نظرية التثليث تعني أن (الواحد) يساوي (الثلاثة)، ولا شك أن العاقل لا يمكنه أن يقبل بصحة مثل هذه المعادلة ولذا لا يمكننا أن ننسبها إلى شخص عاقل، فهل صحيح أن نظرية التثليث التي يتبناها المسيحيون تعني ذلك؟

للجواب عن هذا السؤال لابد من استيضاح مقصودهم بالجوهر الواحد والأقانيم الثلاثة، وهنا نقع في دوامة من الألفاظ المتناقضة، وقد أشرنا سابقا إلى ما ورد في قاموس الكتاب المقدس ونشير هنا إلى عبارة ثانية أوردها بعض باحثيهم محاولا بيان حقيقة التوحيد المسيحي فقال:

"هذا الإيمان الجامع هو أن تعبد إلهاً واحداً في ثالوث، وثالوثاً في توحيد. لا نمزج الأقانيم ولا نفصل الجوهر. إن للأب أقنوماً، وللابن أقنوماً، وللروح القدس أقنوماً. ولكن الأب والابن والروح القدس لاهوت واحد ومجد متساوٍ، وجلال أبدي معاً. كما هو الأب، كذلك الابن، كذلك الروح القدس.... وكما أن الحق المسيحي يكلّفنا أن نعترف بأن كلاً من هذه الأقانيم بذاته إله ورب. كذلك الدين الجامع، ينهانا عن أن نقول بوجود ثلاثة آلهة وثلاثة أرباب. فالأب غير مصنوع من أحد، ولا مخلوق، ولا مولود. والابن من الأب وحده، غير مصنوع، ولا مخلوق، بل مولود. والروح القدس من الأب والابن، ليس مخلوق ولا مولود بل منبثق. فإذاً أب واحد لا ثلاثة آباء، وابن واحد لا ثلاثة أبناء، وروح قدس واحد لا ثلاثة أرواح قدس. ليس في هذا الثالوث من هو قبل غيره أو بعده ولا من هو أكبر ولا أصغر منه. ولكن جميع الأقانيم سرمديون معاً ومتساوون."(24)

وهنا لا نجد مفرا من التساؤل ماذا يقصدون بالأقنوم؟ ولماذا يحاولون التستر خلفه؟ من المعروف أن الاقنوم لفظة يونانية تعني الشخص Person ، وإذا كان الأمر كذلك فكيف يمكن القبول بأن ثلاثة أشخاص يساوي شخص واحد، فهم يصرون على أن هذه الأقانيم شخصيات متمايزة فيقولون (لانمزج الأقانيم) وفي نفس الوقت يصرون على أنها إله واحد وليس ثلاث آلهة، وخصوصا إذا ما لاحظنا العبارة التي تنسب إلى يوحنا (هم ثلاثة الأب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد)(25).

إن العقل يستحيل أن يقبل بمعادلة تقول (3=1) إذن هم يقولون ثلاثة أقانيم أي ثلاثة أشخاص، فقولهم: لا نمزج الأقانيم ولا نفصل الجوهر لن يغير من الحقيقة شيئا، وهل يمكننا أن نتعقل أن الاقانيم الثلاثة متساوون وفي نفس الوقت يقولون لنا بأن الابن مولود من الأب وحده، والروح القدس منبثق من الأب والابن، ثم يصرون أيضا بأنه ليس في هذا الثالوث من هو قبل غيره أو بعده وأن جميعهم سرمديون؟ هل هذا إلا التناقض بعينه؟؟!!.

لقد أدرك قساوستهم بأن هذه العقيدة تناقض العقل، وأن العاقل لا يمكنه أن يتقبل مثل هذه العقيدة، ولذا لجأت الكنيسة إلى حيلة لتسويق هذه العقيدة، وهي الإصرار الدؤوب على التشبث بمقولة " أن عقيدة التثليث عقيدة سامية ترتفع فوق الادراك البشري ولا يدركها العقل مجردا"(26) وبهذا يتم غلق ملف القضية بعد توجيه أصابع الإتهام إلى العقل البشري بالنقص والقصور، فقاموس الكتاب المقدس مثلا يعلل ذلك بأن هذه العقيدة "ليست وليدة التفكير البشري بل هي إعلان سماوي يقدمه الوحي المقدس،.... وفي سبيل قبول هذه العقيدة واعتناقها لا بد من الاختيار العميق للحياة المسيحية"(27)، وفي نفس السياق يقول معجم اللاهوت الكاثوليكي: " الثالوث هو سر في المعنى الحصري، ومن غير الممكن أن يعرف من دون وحي، والذي لا يمكن حتى وإن أوحي به أن يسبر غوره العقل المخلوق"(28).

وفي نفس السياق نجدهم يذكرون قصة لأحد قساوستهم تتعلق بهذا الموضوع فينقلون عن القديس أغسطينوس "أنه وبينما كان سائراً على شاطئ البحر، وكان يفكر في إعداد كتابه عن الثالوث القدوس، رأى طفلا صغيراً يحمل ماء من البحر ويصبه في حفرة صغيرة على الشاطئ كان قد حفرها بنفسه، وحينما سأله القديس: ماذا تفعل يا بني؟ أجابه إنني أقوم بإفراغ البحر في هذه الحفرة. فسأله القديس وكيف تسع حفرتك الصغيرة هذا البحر الواسع؟ أجابه الطفل – وكان ملاكاً من الله – وأنت كيف تستوعب عقيدة الثالوث القدوس بعقلك البشري المحدود؟ "(29). ويعلق عليها بعض المسيحيين قائلا: هذا حق فإننا لو استطعنا احتواء الله بالكامل في عقولنا المحدودة لكان الله محدوداً، وحاشا لله أن يكون محدودا.ً

وكأنهم بهذه العبائر يقولون للناس إذا أردتم الإيمان بالمسيحية فلابد أن تتركوا عقولكم في الخارج قبل أن تدخلوا إلى الكنيسة.

وهنا نجد أنفسنا ملزمين بطرح هذه الأسئلة:

1- إذا كانت هذه العقيدة بهذه المثابة من الغموض، وكان العقل البشري قاصرا عن فهمها، فمن أين أتى بها آباء الكنيسة الأوائل؟ خصوصا وأنهم يصرحون بأن الكتاب المقدس لم يشر إلى هذه العقيدة بشكل صريح وواضح.

2- وكيف تمكنوا من فهم هذه العقيدة بكل دقائقها وحيثياتها؟ أم أن عقولهم ليست بشرية؟

3- الا يفتح هذا التبرير الباب واسعا لكل أحد ليطرح ما شاء من أراء وعقائد ثم يلقي باللائمة على عقول البشر التي تقصر عن فهم ما طرحه؟

لقد سعى بعض الكتاب لرفع هذا الإشكال بعقد مقارنة فقال " يواجه العقل المسيحي عقيده التثليث باعتبارها سرا من أعمق أسرار الوجود، ولا عجب في ذلك فهي تتناول طبيعة الله وشحصه. فنحن – المسيحيين – نتقبلها كما نتقبل أي سر آخر من أسرار الحياة والكون بمزيج من التأمل والتسليم، دون محاولة رفضها أو الانتقاض منها، فهنالك أمور في الطبيعة لا نفهمها بالكامل ومع ذلك لا نرفضها … مثلا لا نرفض نظرية الجاذبية الأرضية أو الكهرباء أو أسرار الكون الفسيح فنحن لا نرفض أو نعترض علي أي اختراع علمي لمجرد أننا لا نستطيع أن نستوعبه بالكامل …. فإذا كان الأمر كذلك فلماذا إذن نتقبل أسرار الطبيعة بتسليم ورضا ونرفض الإيمان والتسليم بأسرار الله العلي العظيم الغير محدود، المعلنة لنا منه"(30)

ولا يخفى فساد هذه المقارنة من أصلها، إذ أن إيماننا بالجاذبية الأرضية وبالكهرباء وغيرها من أسرار الكون الفسيح التي لم نرها بالعين نابع من أننا أدركنا وجودها من خلال آثارها المحسوسة لنا، فلا فرق بين أن نراها بالعين أو أن نرى آثارها، مضافا إلى أن الإيمان بهذه الأسرار لا يتناقض مع أحكام العقل الأخرى، وهذا ما تفتقده عقيدة التثليث كما وضحناه سابقا، وأما قوله أن هذه العقيدة معلنة لنا من الله فقد مرت الإشارة أن نصوص العهد الجديد خالية من أي نص صريح على عقيدة التثليث، وسيأتي الحديث حول النصوص التي تشبثوا بها لإثبات هذه العقيدة.

ويبقى أن نشير إلى أنهم بتبريرهم هذا يغلقون الباب أمام أي مناقشة علمية لما جاء في الكتاب المقدس إذ أن أي مناقشة تقود إلى نفي نظرية التثليث ستبقى مرفوضة في ضوء هذا التبرير، ولن نجد مجالا لأي حوار جاد ما لم يعودوا إلى رشدهم ويرفعوا أيديهم عن هذا التبرير.

هذا وستأتي بعض النقاط المتعلقة بالتثليث والعقل عند استعراض الرؤية القرآنية

 

ثانيا: التثليث والوهية المسيح في العهد الجديد:

إن الدليل على نظرية التثليث عند المسيحيين ينحصر في تأويل بعض النصوص الواردة في الكتاب المقدس بقسميه القديم والجديد، فلذا لا يمكن لأحد الإيمان بهذه النظرية ما لم يؤمن بأمرين معا:

1- قدسية كتبهم المقدسة وسلامتها من التحريف.

2- الإقتناع بصحة تأويلهم لهذه النصوص التي تحمل أكثر من معنى.

ولا يكفي الإيمان بأحد هذين الأمرين فقط دون الآخر، بل لابد من الإيمان بكلا الأمرين معا، وإلا فلا يصح التمسك بتلك النصوص كما هو واضح.

ونحن هنا لن نخوض في الأمر الأول بشكل مفصل، إذ أننا كمسلمين لا شك لدينا في أن الإنجيل الصحيح هو كتاب سماوي نزل على عيسى (ع)، وأن الأناجيل الموجودة –حتى وإن لم تخلو من بعض الصحة فيما تنسبه إلى المسيح- هي أناجيل محرفة، ولكننا سنكتفي بالإشارة المقتضبة إلى بعض النقاط:

أ- أن المسيحيين يعجزون عن إثبات قدسية كتبهم، إذ أنهم يقرون بملء أشداقهم بأن هذه الكتب كتبها أشخاص عاديون، ولكنهم مع ذلك يدعون بأنهم كتبوها بإلهام إلهي، وهو ما يعجزون عن إثباته، إذ أنه مجرد دعوى لا يسندها أي دليل.

ب- أن قدسية هذه الكتب إنما تبنتها الكنيسة بعد مدة من زمن المسيح، ولم يتضح سبب مقنع في إعطاء القدسية لخصوص هذه الكتب دون غيرها، خصوصا مع وجود العديد من الكتب الأخرى التي قيل عنها بأنها مقدسة أيضا، وتم رفضها بدعوى أنها مزيفة، وقامت الكنيسة بإصدار لوائح تبين فيها الكتب القانونية من غير القانونية، ولم تستقر اللائحة النهائية للكتب المقدسة إلا في أواخر القرن الرابع للميلاد(31)، بل نجد لوقا في مقدمة إنجيله يصرح بأن عدد الأناجيل التي تكلمت عن المسيح وسيرته كثيرة(32)، فأين اختفت تلك الأناجيل ولماذا لم تبق لنا الكنيسة غير هذه الأناجيل الأربعة؟!.

ج- يوجد خلاف شديد حول مؤلفي عدد من هذه الكتب، ففي حين تنسب هذه الكتب إلى أشخاص بأعيانهم، يوجد تشكيك – من مفكرين مسيحيين- حول صحة هذه النسبة.

د- إن الأناجيل الأربعة بحسب نسخها الأصلية كتبت بلغات مختلفة فبعضها كتب بالعبرية أو الآرامية و البعض الآخر باليونانية، وعلى كل حال فالمتفق عليه هو أن النسخ الموجودة هي نسخ مترجمة والنسخ الأصلية مفقودة، ولا توجد أي إشارة إلى مترجم هذه الكتب ومدى دقته وأمانته في الترجمة، وهذا الأمر يفقد هذه الأناجيل أي قدسية تدعى لها.

هـ- إن التناقضات الكثيرة جدا في ما بين الأناجيل الأربعة واضحة للعيان ولا تحتاج إلى استدلال عليها، وقد أشار الباحثون إلى الكثير من هذه الإختلافات، وهذا لا يتناسب مع كونها بأكملها إلهام الهي، وإلى هذا تشير الآية القرآنية ((وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلاَفًا كَثِيرًا))(33).

وأما الأمر الثاني: فنجد أن المسيحيين يصرون على تأويل النصوص الواردة في مصادرهم وتفسيرها بما يشير إلى الوهية المسيح ونظرية التثليث، متمسكين في ذلك بظاهر بعض الألفاظ، ويتغاضون عن النصوص الكثيرة الأخرى التي تنفي هذا القول، وسبق لنا أن ذكرنا –نقلا عن قاموس الكتاب المقدس- أهم النصوص التي اعتقدوا بأنها تدل على عقيدة التثليث، وأوردنا نصوصها مرقمة وبشكل مفصل في الهوامش، وسنسعى الآن إلى رد هذه النصوص من خلال أسلوبين:

1- مناقشة هذه النصوص مناقشة سريعة لمعرفة مدى دلالتها على عقيدة التثليث.

2- طرح الأدلة والنصوص التي تنفي عقيدة التثليث ومحاكمة النصوص الأولى على ضوئها.

1- مناقشة النصوص التي أوردوها:

وسنناقش الآن تلك النصوص المزعومة مناقشة سريعة لمعرفة مدى دلالتها على عقيدة التثليث، وسنلتزم في هذه المناقشة بالترقيم الذي ذكرناه في الهوامش:

1- بالنسبة للنص الأول الذي أشاروا إليه، لا يدل بشكل صريح على عقيدة التثليث، إذ أنه لم يشر إلا إلى اقنومي الأب والإبن فقط، ولم يشر إلى الروح القدس، بل يمكن القول بأن هذا النص ينافي ما يعتقده المسيحيون، إذ أنه يصرح بأن الأب حل في الإبن.

2- وأما بالنسبة للنصين الثاني والثالث فهما لا يدلان على التثليث لا من قريب ولا من بعيد، إذ لم يشيرا إلى أن الإبن والروح القدس أقنومان، ومجرد ذكرهما مع الأب في نص واحد لا يدل على ذلك.

3- وأما النص الرابع فهو كسابقيه، إذ أن مجرد إقتران بعض الأسماء مع الذات الإلهية في نص واحد لايعني أنها آلهة أيضا، فالشهادتين في الإسلام يرد فيها أسم الله وإسم الرسول (ص) ومع ذلك لم يدع أحد بأنه إله لمجرد هذا الإقتران، مضافا إلى أن الأناجيل الثلاثة الأخرى تذكر حادثة ظهور المسيح لتلاميذه ولا تذكر هذه العبارة، وبعضها تذكر عبارات أخرى، فهذه العبارة مما تفرد به أنجيل متى.

4- وأما النص الخامس والسادس، فيمكن المناقشة في دلالتهما حيث أنه مجرد أقتران للأسماء وليس أكثر من ذلك، حيث لا دلالة هنا على ان الابن والروح القدس أقنومان، كما أن نفس هذين القائلين قد وردت منهما عبارات كثيرة أشارا فيها إلى طلب البركة من المسيح لوحده من دون ذكر الأب او الروح القدس، مضافا إلى إمكان المناقشة من جهة الشخصيات القائلة ولا سيما بالنسبة إلى النص الخامس حيث قائله بولس(34) وهو المتهم الأول في الإنحراف الذي شاب الديانة المسيحية كما هو معلوم.

5- وأما النص السابع فهو موضوع ومحرف قطعا، ولذلك فقد حذف من الطبعات الأخيرة المنقحة من كتاب العهد الجديد، وقد تم الإكتفاء بالإشارة إلى هذا النص في الحاشية وقالوا أنها إضافات وردت في بعض المخطوطات(35)، فهذه العبارة أقحمت هنا إقحاما كما هو ظاهر سياق العبائر، ولهذا فقد تم حذفها من الطبعات الجديدة، والغريب أن قاموس الكتاب المقدس يتشبث بهذه العبارة المزورة بحسب إقرارهم.

6- وأما النصوص الاربعة الأخيرة (8، 9، 10، 11) فالتناقضات بينها كثيرة، وهي من أقوى الدلالات على أنه نص مختلق ولا أساس له، ففي حين يذكر متى ومرقس بأن حادثة نزول الحمامة وصدور الصوت من السماء كانت حين خروج المسيح من الماء(36)، يذكر لوقا بأن هذه الحادثة حدثت حينما كان المسيح يصلي(37)، ومن جهة أخرى يقول أنجيل يوحنا على لسان يوحنا المعمدان أنه لم يكن يعرف أن يسوع هو المسيح إلا حينما رأى الحمامة تنزل عليه أي بعد تعميده(38)، في حين أن متى يذكر أن يوحنا المعمدان كان يعرف أن يسوع هو المسيح قبل تعميده ولهذا خاطبه قائلا: "أنا أحتاج أن أتعمد على يدك، فكيف تجيء أنت إلي" (39)

كانت هذه مناقشات سريعة لتلك النصوص التي أوردها قاموس الكتاب المقدس وأدعى دلالتها على عقيدة التثليث، وسنذكر المزيد من المناقشات في ضمن النقاط التالية.

2- التوحيد والتثليث في العهد الجديد:

لقد صرح المسيح بعقيدة التوحيد كما تنقل عنه الأناجيل، فقد نقل مرقس في انجيله " فجاء واحد من الكتبة و سمعهم يتحاورون فلما رأى انه أجابهم حسنا سأله أية وصية هي أول الكل،  فأجابه يسوع إن أول كل الوصايا هي اسمع يا إسرائيل الرب إلهنا رب واحد"(40)

ومع هذا نجد المسيحيين يصرون على عقيدة التثليث مؤكدين عدم تنافيها مع التوحيد الذي أشار له المسيح، وقد نقلنا عنهم قولهم " لا نمزج الأقانيم ولا نفصل الجوهر " ولكن في المقابل نجد نصوصا كثيرة من العهد الجديد تدل على المغايرة الصريحة بين الأقانيم مما يعني انفصالها عن بعضها البعض انفصالا تاما وليس شكليا، فليست شخصية واحدة كما يدعون بل هي ثلاث شخصيات متمايزة، مما يثير التساؤل حول حقيقة ما يدعونه من أن هذه العقيدة مأخوذة من نصوص الكتاب المقدس، وسنقتصر هنا على إيراد عدد من هذه النصوص:

1- جاء في إنجيل متى ما نصه "فلما تعمد يسوع صعد للوقت من الماء وإذا السماوات قد انفتحت له فرأى روح الله نازلا مثل حمامة وآتيا عليه، وصوت من السماوات قائلا هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت"(41) والمسيحيون يستدلون بهذا النص على عقيدة التثليث كما تقدم، ولكن الصحيح أنه على نفي عقيدة التثليث أدل، فهو صريح في التغاير والإنفصال التام بين جسم وهيئة كل واحد من هذه الأقانيم الثلاثة مع الأقنومين الآخرين، فكيف يمكن القبول بأنها جوهر واحد مع كل هذا التغاير، خصوصا مع ملاحظة التغاير بين المتكلم وأسم الإشارة " هذا"، وهذه العبارة تدل على الانفصال التام بين الأقانيم حيث أن الإبن على الأرض، والأب في السماء، والروح القدس نازل من السماء إلى الأرض على هيئة حمامة، ثم لنا أن نتساءل: هل الله يتكلم عن نفسه فيقول " ابني الحبيب الذي به سررت"؟ أليس هذا دليلا على التباين التام الذي لا تصمد معه فذلكاتهم؟

2- إن حقيقة التباين بين هذه الأقانيم الثلاثة وردت أيضا في انجيل يوحنا حيث جاء فيه " ومتى جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الأب روح الحق الذي من عند الأب ينبثق فهو يشهد لي"(42) بحسب ما يدعونه فإن المعزي هنا هو روح القدس، أي أن الإبن سيبعث الروح القدس إلى التلاميذ، وهنا لابد لنا من طرح بعض الأسئلة:

أ- هل يمكن أن يكون المرسِل- بكسر السين- والمرسَل – بفتح السين- شخص واحد؟

ب- إذا كان الإبن والروح القدس شيء واحد فما معنى أن الروح لن يأتي ما لم يذهب الإبن؟

ج- ثم إن هذه العبارة تخالف ما هو متسالم عندهم من أن الروح القدس منبثق من الأب والإبن معا وليس من الأب وحده.

3- تذكر الأناجيل أن المسيح صلى قبيل القبض عليه وطلب من الله أن يدفع عنه "هذه الكأس" فعلى سبيل المثال يذكر مرقس " وأخذ معه بطرس ويعقوب ويوحنا، وبدا يشعر بالرهبة والكآبة، وقال لهم نفسي حزينة جدا حتى الموت، ابقوا هنا واسهروا، ثم ابتعد قليلا وخر على الأرض وأخذ يصلي لكي تعبر عنه الساعة إن كان ذلك ممكنا، وقال أبا، يا أبي، كل شيء مستطاع لديك، فأبعد عني هذه الكأس، ولكن ليكن لا ما أريد أنا بل ما تريد أنت"(43) وقد كرر المسيح هذه الصلاة ثلاث مرات كما يذكر لوقا، وهنا لنا أن نتسائل:

أ- هل يمكن لنا أن نقبل بإله أن يشعر بالرهبة والكآبة مما قد تفعله به المخلوقات؟‍‍‍‌‌

ب- هل يبلغ الخوف والرهبة حدا يجعلانه يتوسل لإبعاد هذه الكأس " أي الصلب" عنه، مع أنه إنما أتى ليقتل مصلوبا فيخلص المؤمنون به من الخطيئة كما يدعون.

ج- هل الإله يصلي لنفسه، أليس من المفروض أن المسيح إله أيضا كما يدعون؟‍ إذن هل كان يصلي مخاطبا نفسه بهذا الدعاء والتضرع؟

د- إذا كان الثالوث إلها واحدا كما يزعمون، فلابد أن تكون إرادته واحدة أيضا، وإلا لم يكن إلها واحدا، كيف نجمع بين هذا وبين ما قاله المسيح" ولكن ليكن لا ما أريد أنا بل ما تريد أنت"

4- لقد أشار يوحنا في أنجيله إلى العلاقة بين المسيح وبين الله في ضمن عبارتين، حيث قال في العبارة الأولى" فقال لهم يسوع: الحق الحق أقول لكم لا يقدر الابن أن يعمل شيئا من عنده، بل يعمل ما رأى الأب يعمله. فما يعمله الأب يعمل مثله الإبن، فالأب يحب الإبن ويريه كل ما يعمل"(44) ويقول في العبارة الثانية "انا لا اقدر ان اعمل شيئا من عندي فكما اسمع من الأب أحكم، وحكمي عادل، لأني لا أطلب مشيئتي بل مشيئة الذي أرسلني"(45)، ومن خلال هاتين العبارتين تتضح بعض معالم شخصية المسيح:

- فالمسيح – الإبن- عاجز عن فعل مالا يريده الأب (الله).

- الأب (الله) هو الذي يوجه الإبن – أي المسيح- ويرشده في أعماله.

- المسيح يحكم بما يسمعه من الأب(الله)، فهو يتبع ما يوحى إليه.

- أن الأب هو الذي أرسل المسيح – الإبن- ولهذا فالمسيح يريد تنفيذ إرادة الله وليس إرادته هو.

فهذين النصين يؤكدان بأنه لا مجال للقول بأن الأب مساو للإبن، كما لا مجال للقول بأنهما متحدان بعد كل هذه المغايرة في الأفعال والإرادة، والمرسِل والمرسَل، وهذا رد صريح لنظرية الثالوث.

5- ذكر يوحنا في أنجيله بأن المسيح بعد أن قام من قبره تكلم مع مريم المجدلية قائلا "لا تلمسيني لاني لم اصعد بعد إلى ابي و لكن اذهبي إلى اخوتي و قولي لهم اني اصعد إلى ابي وأبيكم و الهي وإلهكم"(46)، وهنا نرى المسيح يصرح بما لا مجال فيه للتأويل بأنه ذاهب إلى إلهه، فهل يوجد إله للإله؟

6- قال بولس" لأن الله واحد، والوسيط بين الله والناس واحد هو المسيح يسوع الإنسان الذي ضحى بنفسه فدى لجميع الناس"(47) وهذه العبارة صريحة في أن الله واحد، وأن المسيح وسيط بين الله والناس، فهل يمكن أن يكون المسيح أحد أقانيم الذات الإلهية كما يزعمون؟؟! إن هذا ببساطة يعني أن يكون المسيح وسيطا بين الناس وبين نفسه.

7- من الواضح أنه لا بد أن يتصف الإله بالكمال المطلق، وبالنسبة لنظرية التثليث نقول لو كان هناك أقنوم أعظم من أقنوم فهذا يعني بالضرورة بأن هناك نقصا في الأقنوم الآخر، وإلا لما كان هناك أي معنى للتفاضل، ولذا نجد أن المسيحيين يصرون على إن نظرية التثليث قائمة على أساس التساوي بين الأقانيم الثلاثة، وهذا أمر لا يختلف فيه إثنان منهم، ولكن في المقابل نجد هناك نصوصا صريحة تنفي التساوي وتصرح بأن الأب أعظم من الإبن وللتوضيح نشير إلى بعض الأمثلة:

- نجد إنجيل يوحنا ينقل عن المسيح قوله "سمعتم أني قلت لكم أنا اذهب ثم آتي إليكم لو كنتم تحبونني لكنتم تفرحون لأني قلت امضي إلى الأب لان أبي أعظم مني" وهي عبارة صريحة في أن الأب أعظم من الإبن.

- ونجد المسيح يصرح بمحدودية علمه في قبال علم الله، إذ ينقل عنه أنجيل مرقس قوله متحدثا عن يوم القيامة"وأما ذلك اليوم وتلك الساعة فلا يعلم بهما احد ولا الملائكة الذين في السماء ولا الابن إلا الأب "(48) فهل يعقل أن يكون الإله جاهلا بموعد القيامة؟!! وهل هناك عبارة أدل من ذلك على أن المسيح بشر يعتريه ما يعتري البشر من النقص والمحدودية؟!

- كما نجد المسيح يصرح في موارد عديدة جدا بأنه مرسل من قبل الأب كما نصصت على ذلك جميع الأناجيل(49)، وفي نفس الوقت يقول لهم " الحق الحق أقول لكم انه ليس عبد أعظم من سيده و لا رسول أعظم من مرسله"(50) فالمسيح يشهد لهم بأن الأب هو الذي أرسله، وبأنه لا يوجد رسول أعظم من مرسله، فهو يقول بصريح العبارة بأن الذي أرسلني أعظم مني، فهل يبقى مجال للقول بأن الأقانيم متساوية؟

8- قال يوحنا " الله لم ينظره أحد قط"(51) المعروف أن يوحنا كان من تلامذة المسيح الملازمين له وقد رأى الكثير من معاجزه ورواها في انجيله، وحينما كتب يوحنا هذه العبارة كان المسيح قد رفع إلى السماء منذ مدة، فهل يمكن أن يكون يوحنا معتقدا بألوهية المسيح ومع ذلك ينفي أن يكون قد رآه أحد؟؟!!

من الواضح ومن خلال هذه العبارة أن يوحنا يعتقد بأن الله ليس هو المسيح وإلا لما كان هناك معنى لنفي رؤيته، بل العبارة تنفي كون الله هو الروح القدس وذلك لأن الروح القدس قد رؤي أكثر من مرة كما تشير إلى ذلك مصادرهم، وليس في سياق العبارة ما يشير إلى كون الحديث عن خصوص أقنوم الأب كما قد يتوهمه البعض، على أن العبارة قالت لم يره أحد قط، مما يعني أن الأقنومين الآخرين أيضا لم يشاهداه.

وعلى فرض كون المراد من هذه العبارة هو خصوص أقنوم الأب، أليس من حقنا أن نتساءل فنقول: إذا كانت الأقانيم الثلاثة متساوية ومن جوهر واحد كما يقولون فلماذا يختص أقنوم الأب بهذه المزية ولا يشاركه فيها الأقنومان الآخران؟؟!!

هذه بعض الإشكالات التي تنفي نظرية الثالوث من خلال نصوص العهد الجديد، وهناك نصوص كثيرة أخرى أعرضت عن التعرض لها للإختصار، فإن في ما ذكرناه كفاية.

يتبع في العدد القادم

 

* الهوامش:

(1) يمكن تلخيص رأي الإسلام في المسيح بأنه نبي من أولي العزم، أنزل الله عليه أحد الكتب السماوية وهو كتاب الإنجيل، وهو بشر كباقي الأنبياء كما صرح القرآن الكريم، فهو عبد الله ورسوله الذي لا يستنكف عن عبادة الله، وهو الذي ولدته مريم العذراء من غير أب، وأنه جاء مصدقا للتوراة التي سبقته ومبشرا بنبوة النبي الأكرم(ص)، وقد أنجاه الله من مؤامرة اليهود الذين أرادوا صلبه فرفعه إلى السماء فصلبوا شخصا آخر وتوهموا أنهم صلبوا المسيح.

(2) يمكن تلخيص نظرة المسيحية المعاصرة للمسيح على أنه إله، وهو يمثل الأقنوم الثاني من الثالوث المقدس (الأب والأبن والروح القدس)، فهو ابن الله الذي جاء ليخلص البشر من تبعات الخطيئة التي ارتكبها أبوهم آدم، وقد صلب في هذا السبيل، ثم قام بعد ثلاثة أيام ليرتفع إلى السماء، ويجلس إلى يمين الأب، تعالى الله عن ما يقولون علوا كبيرا.

(3) العهد القديم: هي الكتب التي كانت عند اليهود قبل مجيء المسيح، وهي كثيرة تصل إلى 39 كتابا منها أسفار التوراة الخمسة، ومنها المزامير ونشيد الإنشاد والقضاة...الخ، وعادة ما يستند لها المسيحيون لإثبات البشارة بالمسيح على لسان الأنبياء السابقين، وأما التعاليم – أحكام الشريعة- التي في هذه الكتب فلا يكادون يلتفتون إليها، لأنهم يعتقدون أنها خاصة بالشعب اليهودي خلال حقبة معينة، وهناك من يضيف إلى هذه المجموعة كتبا أخرى يسمونها بالأسفار القانونية الثانية، فيصبح المجموع 46 كتابا. ولكن هذه الإضافة غير مقبولة لدى الكنائس البروتستانتية في حين تقبلها الكنائس الكاثوليكية والأرثوذكسية.

(4) العهد الجديد: هو مجموعة من الكتب والرسائل التي كتبت حول المسيح والديانة المسيحية، ويصل عددها الى 27 كتابا، منها الأناجيل الأربعة (متى، مرقس، لوقا، يوحنا) وأعمال الرسل ورسائل بولس و...الخ، وتعتبر هذه الكتب عند المسيحيين أهم من كتب العهد القديم.

(5) رغم أن نظرية التثليث هي السائدة في الأوساط المسيحية إلا أن ذلك لا يعني عدم وجود أشخاص ينفون هذه النظرية ويتبرأون منها، فقد ظهر في أوساط المسيحيين عدة مفكرين رفضوا هذه النظرية والتزموا بالتوحيد الكامل، وقالوا بأن المسيح ليس إلها، خصوصا في بدايات ظهور المسيحية، فقد عقد مجمع نيقيه في أواسط سنة 325م للرد على الأسقف آريوس أسقف كنيسة بوكاليس في الأسكندرية، الذي نفى نظرية التثليث وكان له الكثير من الأتباع، ورغم أن هذه الأراء بدأت بالتلاشي شيئا فشيئا مع مرور الوقت إلا أنه كان لها بعض الرواد بين الفينة والأخرى طوال هذه القرون المتمادية.

(6) قاموس الكتاب المقدس، مجمع الكنائس الشرقية، ص 232.

(7) قاموس الكتاب المقدس، مجمع الكنائس الشرقية، ص 232.

(8) النصوص المشار إليها هي:

1- "قال له يسوع انا معكم زمانا هذه مدته ولم تعرفني يا فيلبس الذي راني فقد رأى الأب فكيف تقول أنت أرنا الأب، ألست تؤمن أني أنا في الأب والأب فيّ، الكلام الذي أكلمكم به لست أتكلم به من نفسي لكن الأب الحال فيّ هو يعمل الأعمال، صدقوني أني في الأب والأب فيّ وإلا فصدقوني لسبب الأعمال نفسها"( انجيل يوحنا 14 : 9 – 11)

2- "وأما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الأب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم" (انجيل يوحنا 14 : 26)

3- " ومتى جاء المعزي الذي سأرسله أنا إليكم من الأب روح الحق الذي من عند الأب ينبثق فهو يشهد لي"(انجيل يوحنا 15 : 26 )

فيقولون بأن النص الأول صرح بذكر اقنوم الأب وأقنوم الإبن، والنصين الثاني والثالث يحتويان على ذكر كل واحد من الأقانيم الثلاثة، فالمتكلم هو (الابن) وقد أشار إلى (الأب) و(الروح القدس).

(9) النص المشار إليه هو:

4- " فاذهبوا وتَلمِذوا جميع الامم وعمّدُوهم باسم الاب والابن والروح القدس"(انجيل متى 28 : 19)

فيقولون بأن المسيح هنا يأمرهم بأن يكون التعميد بأسم الأقانيم الثلاثة، وليس بأسم أحدها فقط.

(10) النصوص المشار إليها هي:

5- " نعمة ربنا يسوع المسيح ومحبة الله وشركة الروح القدس مع جميعكم امين"(رسالة كورنثوس الثانية13 : 14)

6- " بمقتضى علم الله الأب السابق في تقديس الروح للطاعة ورش دم يسوع المسيح لتكثر لكم النعمة والسلام"(رسالة بطرس الأولى 1 : 2)

7- " فان الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة الاب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد"(رسالة يوحنا الأولى 5 : 7)

فيقولون بأن هذه النصوص التي جاءت على لسان الرسل تدل على أن الرسل كانوا يعتقدون بالتثليث.

(11) النصوص المشار إليها هي:

8- " فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء وإذا السماوات قد انفتحت له فرأى روح الله نازلا مثل حمامة وآتيا عليه، وصوت من السماوات قائلا هذا هو ابني الحبيب الذي به سررت"( انجيل متى 3 : 16 و 17)

9- " وللوقت وهو صاعد من الماء رأى السماوات قد انشقت والروح مثل حمامة نازلا عليه، وكان صوت من السماوات أنت ابني الحبيب الذي به سررت" (انجيل مرقس 1 : 10 و 11)

10- " ولما اعتمد جميع الشعب اعتمد يسوع أيضا وإذ كان يصلي انفتحت السماء، ونزل عليه الروح القدس بهيئة جسمية مثل حمامة وكان صوت من السماء قائلا أنت ابني الحبيب بك سررت" (انجيل لوقا 3 : 21 و 22)

11- " وشهد يوحنا قائلا إني قد رأيت الروح نازلا مثل حمامة من السماء فاستقر عليه، وأنا لم أكن اعرفه لكن الذي أرسلني لأعمد بالماء ذاك قال لي الذي ترى الروح نازلا ومستقرا عليه فهذا هو الذي يعمد بالروح القدس"(انجيل يوحنا 1 : 32 و 33 ).

فيقولون بأن هذه النصوص أشارت إلى الأقانيم الثلاثة ودلت على تمايزها.

(12) قاموس الكتاب المقدس، مجمع الكنائس الشرقية، ص 232.

(13) راجع: (وحدانية الثالوث في المسيحية والإسلام)، وهي مقالة طويلة ومفصلة للكاتب: اسكندر جديد. وهي منشورة في العديد من المواقع المسيحية على الانترنيت.

(14) قاموس الكتاب المقدس، مجمع الكنائس الشرقية، ص 233.

(15) قاموس الكتاب المقدس: 108.

(16) وعلى سبيل المثال ورد في انجيل متى 16: 16، ما لفظه (فأجاب سمعان بطرس وقال انت هو المسيح ابن الله الحي)، كما ورد في انجيل مرقس 3: 11، ما لفظه (و الارواح النجسة حينما نظرته خرت له وصرخت قائلة انك انت ابن الله)، كما ورد في انجيل لوقا 1: 35، ما لفظه(فلذلك ايضا القدوس المولود منك يدعى ابن الله)، كما ورد في انجيل يوحنا 6:69، ما لفظه (و نحن قد امنا وعرفنا انك انت المسيح ابن الله الحي).

(17) انجيل يوحنا 10: 38.

(18) انجيل يوحنا 17: 21.

(19) راجع، انجيل متى 3: 17.

(20) الفصل السادس من كتاب (الله الخالق)، للمطران كيرلس سليم بسترس.

(21) السنكسار القبطي، شهر توت: اليوم الثاني عشر.

(22) حيث يقولون بالطبيعة الواحدة للمسيح، وقد اشار لهم القرآن الكريم مرتين في سورة المائدة مرة في قوله (( لَّقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَآلُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَن يَمْلِكُ مِنَ اللّهِ شَيْئًا إِنْ أَرَادَ أَن يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَأُمَّهُ وَمَن فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَلِلّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)) وفي قوله (( لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قَالُواْ إِنَّ اللّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُواْ اللّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ)) فقد أشار المفسرون إلى أن المقصود بهاتين الآيتين هم فرقة اليعاقبة.

(23) السنكسار القبطي، شهر مسرى: اليوم الثالث والعشرون.

(24) راجع: (وحدانية الثالوث في المسيحية والإسلام)، وهي مقالة طويلة ومفصلة للكاتب: اسكندر جديد. وهي منشورة في العديد من المواقع المسيحية على الانترنيت

(25) راجع: رسالة يوحنا الأولى 5 : 7

(26) قاموس الكتاب المقدس : 233.

(27) قاموس الكتاب المقدس: 233.

(28) معجم اللاهوت الكاثوليكي: ص 97، نقلا عن (الكتاب المقدس في الميزان: 344)  للشيخ محمد علي برو.

(39) القديس أغسطينوس (354م- 430م) هو أسقف كنيسة هيبون، كان له دور بارز في صياغة عقيدة الثالوث المسيحي كما يقول قاموس الكتاب المقدس، ومدينة هيبون هي مدينة جزائرية قديمة، وهذه القصة منتشرة في مصادر المسيحيين.

(30) مقال " الإيمان المسيحي وحقيقة التثليث" وهو مقال منشور في المواقع المسيحية في الإنترنيت، وموقع باسم "ابن الدين المسيحي".

(31) يذكر التاريخ وجود العديد من الأناجيل التي كانت منتشرة (مثل انجيل توما، انجيل بطرس، انجيل مريم المجدلية، انجيل المصريين، انجيل ميتاس، انجيل يعقوب، انجيل يهوذا، انجيل برنابا وغيرها) وقد صدرت عدة قرارات لإلغائها من قبل الكنيسة، كما أن هناك الكثير من الكتب كانت محط تجاذبات في الأوساط الكنسية إلى أن تم إقرارها في فترات متأخرة. مثل سفر الرؤيا الذي أقروه في بعض الكنائس ثم حذفوه مجمع لاودكية سنة 363م، ثم عادوا لإقراره مرة أخرى في مجمع قرطاجنة سنة 397م، كما أن الأسفار القانونية الثانية –المعروفة بأسفار ابوكريفا- لازالت محل نزاع بين الكنائس المسيحية ففي حين تعترف بها كل من الكنيسة الكاثوليكية والارثوذكسية تعارضها الكنيسة البوتستانية بشدة، وترفضها جملة وتفصيلا، فالكنيسة كانت دوما هي التي تتدخل لتحديد الكتب المقدسة، ولم تستقر اللائحة النهائية للكتب المقدسة إلا في أواخر القرن الرابع للميلاد، أي في مجمع قرطاجنة سنة 397م.

(32) يقول لوقا في أول الإصحاح الأول من إنجيله : ((لأن كثيرا من الناس أخذوا يدونون رواية الأحداث التي جرت بيننا، كما نقلها إلينا الذين كانوا من البدء شهود عيان وخداما للكلمة، رأيت أنا أيضا بعدما تتبعت كل شيء من أصوله بتدقيق أن أكتبها إليك )).

(33) سورة النساء: 82.

(34) بولس هو أحد اليهود الذين.....

(35) هذه الطبعة هي الطبعة التي أصدرتها دار الكتاب المقدس في الشرق الأوسط، وهي ترجمة متقنة ومضبوطة، وهي – وكما جاء في مقدمتها- أول ترجمة عربية تضعها لجنة مؤلفة من علماء كتابيين ولاهوتيين ينتمون إلى مختلف الكنائس المسيحية من كاثوليكية وارثوذكسية وإنجيلية.

(36) انجيل متى 3 : 17، وانجيل مرقس 1 : 11

(37) انجيل لوقا 3: 21.

(38) انجيل يوحنا 1 : 33

(39) انجيل متى 3: 14.

(40) انجيل مرقس 12: 28-29.

(41) انجيل متى 3 : 16 و 17، وقد ورد شبيه بهذا النص في : انجيل مرقس 1 : 10 و 11، وانجيل لوقا 3 : 21 و 22.

(42) انجيل يوحنا 15 : 26

(43) انجيل مرقس14: 33 – 36. ومثله في متى 26: 37- 39، ومثله أيضا في لوقا 22:41-43.

(44) انجيل يوحنا 5: 19-20.

(45) انجيل يوحنا 5: 30.

(46) انجيل يوحنا 20: 17.

(47) رسالة بولس الأولى إلى أهل تيموثاوس 2: 5 - 6.

(48) انجيل مرقس 13: 32.

(49) على سبيل المثال راجع: انجيل متى 10: 40، انجيل مرقس 9: 37، انجيل 9: 48، انجيل يوحنا 13: 20.

(50) انجيل يوحنا 13: 16.

(51 ) رسالة يوحنا الاولى 4: 12.


0 التعليق


ارسال التعليق

احدث المقالات

الاكثر زيارة

الاكثر تعليقا